بصوا هو كل فصل يمسك واحد وينزل فيه بالبونيات واللكاكيم لحد ما يخليه ما يحطش منطق المرة دي ماسك في واحد اسمه مانوي:
يرى السيد مانوي ان احتقار العمال البيض للسود في جنوب افريقيا ليس له اية علاقة بالحالة الاقتصادية، بخلاف ان هذا السلوك يمكن فهمه في اطار العقلية المعادية للسامية - “حيث انني اقول ان معاداة السامية ماهي الا تكبر الانسان الفقير. وارى ان الاغنياء يستغلون هذه الجزئية بدلا من ان ينأوا بأنفسهم عنها – فلديهم الكثير ليفعلونه افضل من استغلال عاطفة الفقراء، ويتم الدعاية لمعاداة السامية وسط الطبقة المتوسطة وذلك لانهم ليس لديهم اراضي او بيوت او قلعة...من خلال معاملة اليهود على انهم كائنات خبيثة دنيئة. ومع ذلك فاني اؤكد انني من النخبة" (جان بول سارتر كتاب معاداة السامية واليهود، قطع جان بول سارتر ابن الهابلة) – وانا بدوري اؤكد للسيد مانوي ان ما تمارسه الطبقة العاملة البيضاء من عنصرية ضد الطبقة العاملة السوداء له صلة وثيقة بالاوضاع الاقتصادية وسوف اثبت له ذلك.
ماذا في جنوب افريقيا؟ جنوب افريقيا عبارة عن "غلاية" قام 2.5 مليون ابيض بوضع 13 مليون اسود فيها. لماذا يكره البيض الفقراء السود؟ ان العنصرية ليست كما يحاول مانوي ان يقنعنا: نتاج الموظفون البسطاء والتجار الصغار وعمال الاستعمار الذين يكدحون كثيرا بلا طائل، لا، ولكن لان تكوين جنوب افريقيا هو تكوين عنصري:
“حب الزنوج وحب الاحسان يتناقصان في جنوب افريقيا...المقترح هو العزل الكامل للسود مكانيا واقتصاديا وسياسيا والسماح لهم ببناء حضارتهم تحت اشراف البيض، لكن باقل اتصال ممكن بين الاعراق، من المفهوم ان التحفظات الاقليمية الخاصة بالسود وسيعيش معظمهم هناك....وسيتم الغاء المنافسة الاقتصادية والعمل على اعادة تأهيل الفقراء من البيض والذين يشكلون 50 بالمائة من تعداد الاوروبيين في جنوب افريقيا. لا نبالغ حين نقول ان هناك احساس بالاشمئزاز المادي من البيض حين يوضعون في نفس المستوى مع السود"(من كتاب الانسان الملون لار بي اوسين)
ولنلخص رأينا في موضوع بحث السيد مانوي، فيمكن ان نقول ان "الفصل الاقتصادي ينتج عن، مع اشياء اخرى، الخوف من المنافسة والرغبة في حماية البيض الفقراء الذين يشكلون نصف الاوروبيين في جنوب افريقيا من ان يغرقوا في التدني مع السود.
يقول السيد مانوي: “الاستغلال الاستعماري يختلف عن بقية انواع الاستغلال، كما ان العنصرية الاستعمارية تختلف عن انواع اخرى من العنصرية...” انه يتحدث عن ظاهرة وتحليل نفسي خاص بالاخوة الانسانية، لكننا كنا سنكون اسعد لو كان السيد مانوي اعطى هذه المفاهيم قيمة ملموسة وواضحة. فكل هذه المفاهيم تستمد اهميتها من رسمها بشكل واضح وكأنها مقدسة. كل انواع الاستغلال تتساوى لانها كلها تمارس ضد نفس العنصر: الانسان. حين ندرس التكوين الاساسي لكل انواع الاستغلال بنظرة مجردة فان ذلك يؤدي الى ان يدير الباحث ظهره الى مشكلة رئيسية وهي ان الاستغلال في عمومه يحرم الانسان من ان يأخذ مكانته الطبيعية في الحياة.
كما ان العنصرية الاستعمارية لا تختلف عن اي نوع اخر من العنصرية.
فمعاداة السامية مثلا تضرب على الرأس: انا غاضب، يسيل دمي الابيض في معركة مروعة، انا محروم من ان اكون انسانا. وبذلك انا لا استطيع ان افصل نفسي عن المستقبل الذي يهدد اخي. (طب واحنا كان ذنبا ايه في المصيبة دي؟) انا ملزم امام انسانيتي امام كل انسان يعاني نفس معاناتي، يهدده نفس صمتي، يعاني من نفس جبني الانساني. (هامش من المؤلف: حين كتبت ذلك كنت افكر في مفهوم الذنب الميتافيزيقي لكاسبر:
يوجد بين البشر، لانهم بشر، تلاحما فيتشاركون في تحمل مسئولية اي ظلم يرتكب في العالم، خاصة الجرائم التي ترتكب في حضور الانسان او التي لا يمكنه ان يكون جاهلا بها، اذا لم ابذل قصارى جهدي لمنعها، فانا مشارك فيها، اذا لم اخاطر بحياتي لامنع قتل نفس بريئة اذا وقفت صامتا امام هذه الجريمة اشعر بالذنب وبمشاركة في الجريمة التي لا يتم محاسبتي عليها قضائيا او سياسيا او اخلاقيا. مجرد احساسي انني مازلت على قيد الحياة بعد ارتكاب هذه الجرائم امام ناظري يثقل روحي بالذنب. (يا سلام على الكلام الجميل..يا سلام على ولاد الـ...اللي بيقولوا خلينا في نفسنا،) شعور بالذنب لا يمكن شرحه او وصفه.
في قلب الانسانية التزام يفرض نفسه: في حالة الجريمة او الاشياء التي تهدد حياة الكائنات الحية، اما ان تقبل الحياة كلها وتدافع عنها بما تشتمل عليه من بشر وكائنات، او ترفضها كلها. (كارل كاسبر من كتاب عقدة الذنب الالمانية)
يعلن كاسبر ان هذا الالتزام يأتي من الله، ومن السهل معرفة ان ذلك ليس له اساس الا اذا قرر الانسان ان التزامه الاخلاقي نابع من خارجه. (انا ماليش دعوة بالكلام ده/ جبهة) الاحساس بالمسئولية لدرجة انني اشعر ان اقل تصرفاتي تؤثر على الانسانية، كل تصرف اسلكه هو اجابة او سؤال وربما الاثنان معا. حين اقوم بسلوك معين يرفعني فوق وجودي المحدود فانني اثبت قيمة سلوكياتي بالنسبة للاخرين. في المقابل، السلبية التي نراها في الفترات المتأزمة في التاريخ يتم تفسيرها على انها الوضع المفترض لهذا الالتزام. يقول جانج في كتابه "عناصر الدرامة المعاصرة" ان في مواجهة الاسيوي او الهندوسي فان كل اوروبي ملتزم ان يفسر او يعتذر عن جرائم النازي. كاتبة اخرى ، مدام مايرس شوازيه، في كتابها "الطوق" تمكنت من وضع يدها على جريمة هؤلاء الذين وقفوا "محايدين" امام احتلال النازي لفرنسا. وقالت انهم عانوا من احساس مرتبك بالمسئولية حيال كل القتل الذي قام به الالمان.
انتهى هامش المؤلف)
اشعر كأنني استطيع ان اسمع سيزار وهو يقول:
حين افتح الراديو، حين اسمع عن ذبح الزنوج بلا محاكمة في الولايات المتحدة الامريكية، حين افتح الراديو، حين اسمع ان اليهود يهانون ويضطهدون، اقول اننا كنا ضحية كذبة: هيتلر لم يمت، حين افتح الراديو، واسمع ان في افريقيا تم تشريع العمل بالسخرة، اقول اننا بالتأكيد كنا ضحية كذبة: هيتلر لم يمت. (الكلام ده اتقال سنة خمسة واربعين قبل انشاء دولة اسرائيل، بعد تأسيس الكيان الصهويني فرانتز فانون كان له موقف مغاير تماما من الصهيونية على عكس سارتر اللي كان صهيوني عشان المرة اليهودية بتاعته، اللي عايز يعمل نخبوي ويدخل يقول لي: مافيش داعي لتسطيح فهم سارتر لانه بلا بلا بلا...ح انزل تعليقه طبعا، بس ح اطرشه في الحمام...لامؤاخذة، اللي عايز بقى يبقى موضوعي يقرا مقدمة سارتر لكتاب معذبو الارض واللي تتلخص في: برافو يا ولد، والله وتمرت فيك التربية والتعليم، والله اسود بس بتفهم يا ولد، علاقة فانون بسارتر عاملة شوية زي علاقة مالكوم اكس بإيلايجا محمد بس مالكوم اكس عرف يخرج من براثن الايجا محمد لكن فانون فضل ممتن لسارتر حتى لما اختلفوا في الاخر في وجهات نظرهم، في وقت ما كان الجزائريين ومعاهم فانون بيقولوا لازم فرنسا تخرج من الجزائر، وتخرج تماما سياسيا وعسكريا وثقافيا كمان، كان الكلام ده بالنسبة للفرنسيين البيض كأنك دلوقت بتقول للبيض في امريكا يرجعوا اوروبا، او كأنك دلوقت بتقول مافيش حاجة اسمها اسرائيل، كانت حاجة بالنسبة لهم مستحيلة، فانون كان بيحارب مع الجزائر، صحيح سارتر كان مساند للحرب دي بس من وجهة نظر مختلفة عن فانون، ولو تقروا معذبو الارض، فانون بالرغم من انه كان لا ديني كان بيلح على التمسك بالاسلام والعروبة في الجزائر كهوية ثقافية لمقاومة الاحتلال، طبعا الكلام ده جاب ازمة قلبية لزمايله الشيوعيين البيض، وسارتر اتعامل مع الكلام ده على انه صرخة غضب يجب ان تتنبه لها فرنسا على اساس يعني ان فرنسا ظلمت العرب والسود لدرجة جننتهم وخلتهم يخرفوا بالكلام الفارغ ده وتاني باقول ارجعوا لمقدمة سارتر، فيما يخص اسرائيل فانون كان ضد اسرائيل طبعا وطبعا تاني سارتر كان مع اسرائيل زي ماقلنا شيرشي لا فام، وفي كل الاحوال سارتر ده نخبوي وبضين وانا حرة في رايي والكلام اللي عن زيف الموضوعية وجريمة الحيادية ده والله العظيم تلاتة كنت مؤمنة بيه من قبل ما اقراه هنا/ جبهة)
نعم، الحضارة الاوروبية وافضل ممثلوها مسئولون مسئولية كاملة عن جرائم العنصرية، واعود مرة اخرى لأمي سيزار:
ثم كان أنه في يوم جميل، استيقظت الطبقة المتوسطة بضربة مذهلة: الجيستابو مشغول مرة اخرى، السجون مملوءة، التعذيب مبتكر، مكتمل، يتم استشارتهم فيه. الناس مندهشة، غاضبة، يقولون: “كم هذا غريب، لكنها النازية فقط، وستنتهي"، وانتظروا، وكان لديهم امل، واخفوا الحقيقة عن انفسهم: انه التوحش، التوحش المتعالي، تتوجه النازية، تلخص التوحش اليومي فيها؛ حقا انها النازية، لكن قبل ان يصبحوا ضحاياها كانوا مشاركين معها، تسامحوا معها قبل ان يستسلموا لها، كانوا يبرؤنها، اغمضوا اعينهم عنها، اعتبروها شرعية لانها وحتى هذه اللحظة كانت تنتهك حقوق غير الاوروبيين؛ هذه النازية التي شجعوها، وكانوا مسئولين عنها، ثم بدأت تقطر، تتسرب، وتنبع من كل ابار الحضارة المسيحية الغربية حتى ابتلعت النازية هذه الحضارة في بحر من الدماء.
كلما رأيت عربيا تملأ عينيه تلك النظرة المتصيدة، المتشككة عن بعد، ملفوف في تلك الملابس البالية والتي تبدو وكأنها خيطت خصيصا من اجله، اقول لنفسي "السيد مانوي كان خاطئا"، كثيرا ما استوقفتني الشرطة بعنف ظانين انني عربي: وحين يكتشفون اصلي، يعتذرون بتزلف: “بالطبع نعرف جيدا ان المارتينيكي مختلف تماما عن العربي" كنت اعترض بعنف، لكنهم كانوا يجيبون: “انت لا تعرفهم" (ما كانش لسة جه الجزائر لما كتب الكتاب ده، تقدروا تشوفوا بيقول ايه عن العرب بعد ما جه الجزائر في كتاب معذبو الارض، كان بيحبنا قوي لاسباب مجهولة، تقريبا ده الوحيد هو ومالكوم اكس اللي كانوا بيحبونا لاسباب لا يعلمها الا الله) حقا يا سيد مانوي انت خاطئ، لانه ما معنى هذه الجملة: "الحضارة الاوروبية وافضل ممثلوها ليسوا مسئولين عن جرائم العنصرية"؟ ماذا تعني غير ان الاستعمار هو صنيعة المغامرون والسياسيون، ويظل "افضل ممثلوها" بعيدا عن تلك المعركة؟ لكن فرانسيس جيسون يقول ان كل مواطن في امة مسئول عن التصرفات التي ترتكب باسم هذه الامة (ايوة ايوة..الحمد لله الحمد لله..اللهم لك الحمد ولك الشكر يارب...اخيرا اخيرا..الحمد لله) :
“يوما بعد يوم يضع النظام مشاريعه الشريرة في وجودك، يوما بعد يوم يخونك القادة، ويتبعون سياسة، باسم فرنسا، بعيدة كل البعد ليس فقط عن مصالحك وانما ايضا هي ابعد ما تكون عن ابسط واعمق احتياجاتك. تشعرون بالفخر انكم تبتعدون عن هذه الحقائق وانكم تتنصلون مما يفعل باسمكم: فتعطون فرصة لاولئك الذين يتمتعون بمناعة ضد المناخ غير الصحي، ذلك لانهم يخلقون هذا المناخ بانفسهم وتحت تصرفهم. واذا افترضنا انكم ستنجحون بان تحتفظون بانفسكم غير ملطخين، فان ذلك سيحدث لان غيركم يلطخ نفسه نيابة عنكم، انتم تنتخبون البلطجية (هو عاملها بالايتاليكس فانا حطيت تحتها خط) ، واذا اعدنا التوازن للحسابات، فانتم المجرمون الحقيقيون. (الله الله الله الله..يا عيني يا عيني...همممم، لازم خواجة اللي يقول الكلام ده عشان بعض الناس تقتنع) ذلك لانه بدونكم، بدون لا مبالاتكم العمياء، لما تمكن هؤلاء الرجال من اقتراف افعال تلعنكم بنفس القدر الذي تخزي به هؤلاء الرجال" (الله الله الله الله)
قلت لتوي ان تكوين جنوب افريقيا هو تكوين عنصري. سأذهب ابعد من ذلك واقول ان تكوين اوروبا كله تكوين عنصري، (في الاربعينات في وقت كتابة الكتاب ده، كما كانش فيه حاجة لتضمين امريكا لان امريكا وقتها كانت زي جنوب افريقيا كده جنون رسمي في معاملة السود) ويبدو ان السيد مانوي لا يهتم بهذه المشكلة حيث يقول: “فرنسا بلا جدال هي اقل دول اوروبا عنصرية" (هع هع هع هعععععععع)
حسنا يا سيدي، افخر بانك فرنسي، فاصدقائي الزنوج، حتى لو كان الامر صعب قليلا، بالنسبة لمثيليك في امريكا هم أسوأ منك...فرنسا دولة عنصرية، واسطورة الزنجي الشرير هي مكون رئيسي في الوعي الجمعي، وسنفصل في هذا الامر في الفصل السادس.
لكن لنكمل مع السيد مانوي: “عمليا، فان عقدة الدونية متصلة بالملونين الذين يشكلون اقلية في المجتمع المختلف عنهم في اللون، في مجتمع متجانس بعدالة مثل المالاجاش، حيث النظام الاجتماعي العادل مازال قويا، فان عقدة الدونية لا توجد الا في حالات نادرة"
مرة اخرى اطلب من الكاتب ان يكون اكثر حرصا. الرجل الابيض لم يشعر ابدا في حياته بعقدة الدونية؛ كما يصف السيد مانوي ذلك بشكل جيد: “اما ان يتحدى او يلتهم"، والمستعمر بالرغم من انه يشكل الاقلية، فانه لا يشعر بانه ادنى، في المارتينيك هناك 200 ابيض يعدون انفسهم افضل من 300,000 ملون. في جنوب افريقيا، هناك 2,5 مليون ابيض في مواجهة 13 مليون اسود، ولم يخطر ببال اي اسود هناك ان يعد نفسه افضل من الاقلية البيضاء.
وبينما تشرح اكتشافات ادلر وكوينكل نوع ما من السلوك العصابي، فان المرء لا يستطيع ان يستنتج من هذه الاكتشافات قوانين يمكن ان تطبق على كل مشاكل العقد النفسية اللا محدودة. الاحساس بالدونية عند من يقع ضحية الاحتلال متصل بشكل مباشر بعقدة التفوق عند الاوروبيين، وعلينا ان يكون لدينا الشجاعة ان نقول: ان العنصري هو من يخلق المتدني.
هذا الاستنتاج يعود بنا الى سارتر: “اليهودي هو من يعتبره الاخرون يهودي: يجب ان نبدأ من هذه الحقيقة البسيطة...معاداة السامية هي التي تخلق اليهودي".
(اياميها يهودي دي كانت شتيمة قبل ما يحكموا العالم ومطارات الدنيا تحط خدها مداس تحت جزمهم)
ماهي الحالات الاستثنائية التي يتحدث عنها السيد مانوي؟ بسيطة تماما، انهم النموذج المتعلم من الزنوج الذي يكتشف فجأة انه مرفوض من الحضارة التي حاول ان ينضم اليها. لدرجة ان السيد مانوي يستشهد بنموذج الملاجاشي الذي يعتمد اعتمادا كليا على المستعمر. وذلك لمصلحته حتى لا ينسى مكانه الحقيقي، اذا ما تهيأ له انه مساو للاوروبي، مما يحول الاوروبي الى ساخط على محدثي النعمة الذين هم – في هذا الظرف – حالة "استثنائية" ويؤدي ذلك به – الاوروبي – الى رفض حالة الاعتماد عليه بسبب عقدة الدونية التي تملكته. (بيتريق تاني، اللي يقصده بالبلدي ان في المستعمرات السود بيثقلوا كاهل البيض بالاعتماد عليهم، ولما السود يبتدوا يثوروا على البيض الابيض بيحس بالانطهاد والظلم ونتيجة لكده بيرفض اعتماد السود عليه، ياعيني قطع قلبي(
في السابق اكتشفنا خطأ في منهج السيد مانوي الذي اقل ما يقال عنه انه خطير. وبنفس الطريقة، فهو هنا لا يترك خيارا للملاجاشي: اما عقدة الدونية او الاعتماد الكلي على المستعمر. وبهذين الحلين نجد انه لا خلاص.
“حين نجح (الملاجاشي) في تكوين علاقة اعتماد على اسياده، فان عقدة الدونية لا تعود تزعجه؛ كل شيء تمام. وحين يفشل في ذلك، حين يشعر بعدم الامان، يعاني من ازمة"
ما يهم السيد مانوي هو انتقاد المنهج الذي يتبعه دارسي الاعراق حتى الان والذي يولي اهتماما كبيرا لاولئك "البدائيين". ولكننا سنرى النقد الخاص بعمله.
بعد عزل الملاجاشي في تقاليده، بعد تطوير تحليل اوحادي لنظرته للعالم، بعد وصف الملاجاشي في دائرة مغلقة، وبعد ان تبين ان الملاجاشي لديه علاقة اعتمادية تجاه اجداده – وهي صفة قبائلية – يتجاهل السيد مانوي، بشكل مناف تماما للموضوعية، انه منذ جالييني، فانه لم يعد للمالاجاش اي وجود.
(هامش من المترحم تشارلز لام ماركمان: الجنرال جوزيف سيمون جالييني، لعب دورا هاما في توسيع الاستعمار الفرنسي، وبعد ان غزا افريقيا وخدم في المارتينيك، تم تعيينه حاكما عسكريا في مدغشقر سنة 1898، حين كانت مستعمرة فرنسية، ثم اصبح الحاكم العام. وتقول الموسوعة البريطانية في الجزء 14: اكمل اخضاع الجزيرة، والتي كانت ثائرة على الفرنسيين، كانت سياسته تعتمد على تطوير المصادر الاقتصادية للجزيرة، وكان متسامحا مع غير الفرنسيين من الاوروبيين./ انتهى هامش المترجم الى اللغة الانجليزية
كلا ما اردناه من السيد مانوي هو شرح للموقف الاستعماري، لكنه تجاهل ذلك، لم نخسر او نكسب شيئا، نتفق على ذلك. باروداينج هيجل، وجورج بالنديه تحدثا عن الشخصية الديناميكية. وذلك في مقال كان مهدى الى كاردينار ولينتون: “تكون آخر مراحلها (الشخصية الديناميكية) هي نتاج للمراحل المتقدمة ويجب ان تحتوي اخر مراحلها على عناصر مراحلها المتقدمة". يبدو ذلك غريب الاطوار، لكنه المبدأ الذي يقوم كل المتخصصين. ردود الافعال ونسق السلوك المتبع تجاه وصول الاوروبيين الى مدغشقر لم يتم التعرف عليه في الدراسة. لا نجد اي تطور للوضع النفسي الجمعي السابق. اذا قرر سكان المريخ غزو الارض، بمعنى غزو الارض وليس تقديم ثقافة المريخ لسكان الارض، فاننا نشك في ان يظل ان انسان ارضي حيا. غير كاردينار وجهات نظر عدة حين كتب: “ان تعلم المسيحية للالور هو بمثابة اضطلاع دونكيشوتي (محاربة طواحين الهواء)، ان ذلك هو محاولة للتعامل مع شخصيات مبنية من عناصر مخالفة تماما للعقيدة المسيحية؛ وبذلك فاننا نبدأ البداية التي تقودنا للنهاية الخاطئة، واذا كان الزنوج غير قابلين لاعتناق المسيحية، فهذا ليس له علاقة بعدم قابليتهم على الانضمام اليها، وانما لنقبل شيئا يجب ان نؤهل انفسنا له ومن هنا يمكن ان نتكون تكوينا جديدا، انها من المثالية ان نظن ان الافارقة والعرب سيكلفون انفسهم العناء قبول الارتقاء بانفسهم لفهم المسيحية طالما لا يجدون قوت يومهم، وكأنك تطلب زنجي متوحش ان يرتدي حذاء، وتمنيه بانه سيصبح مثل شوبيرت الذي لا يعرف قيمته، ثم تندهش من رفضه لارتداء الحذاء وعدم اهتمامه بشوبيرت، وكأنك تندهش ان عاملا على شاحنة في بيرليت لا يقضي امسياته في دراسة الشعر الهندي وانه يختلف عن اينيشتاين.
No comments:
Post a Comment