Saturday, 19 July 2008

جلد اسود اقنعة بيضاء: الجزء الرابع من الفصل السادس

التهديد اليهودي بيستبدل بالقدرة الجنسية عند الزنجي. مانوني بيقول:


فيه منطق بيتكلم بيه العنصريين عشان يهاجموا المختلفين معاهم في الرأي

وانا شايف ان ذكره مهم لانه بيعكس سمة العنصريين:

نعم؟ يعني لو عندك بنت ح تجوزها لزنجي؟

انا اعرف ناس مش عنصريين ابدا اول ما يتواجهوا بالكلام ده بيفقدوا اي

حس نقدي وبيتلبخوا، لان السؤال ده بيعمل عدم ارتياح بداخلهم. (شبه احساس زنا المحارم) وبيرجعوا للعنصرية كنوع من رد الفعل الدفاعي.


قبل ما نكمل مهم قوي اننا نقول النقطة الاتية: بما اننا عارفين ان ميول زنا المحارم موجودة في اللا وعي، عايزين نعرف ليه الاحساس بيه مرتبط بالزنجي؟ يعني ايه الفرق ما بين جوز البنت الاسود وجوز البنت الابيض؟ هل القرف من زنا المحارم اللي شبه القرف من الزواج من زنجي الاتنين خارجين من اللا وعي؟ طب ليه ما نستنتجش ان الاب بيثور لما بنته تتجوز زنجي لان الزنجي ح يعرفها على عالم جنسي ما يعرفوش الاب ولا يملك مفاتيحه ولا صفاته؟

مع كل تقدم فكري بيحصل تضييق في مجال الممارسات الجنسية، الرجل الابيض عنده اشتياق لعصور الجنس المرخص، مشاهد الطقوس الجنسية، الاغتصاب اللي لا يستتبعه عقوبة، زنا المحارم غير المقموع. بشكل ما الميول دي هي استجابة لغريزة البقاء اللي بيتكلم عليها فرويد. وباسقاط كل الرغبات الجنسية اللي عند الرجل الابيض على الزنجي، الرجل الابيض بيمثل كأن الزنجي عنده كل ده. لما نيجي لمسألة اليهودي، المشكلة واضحة: هو مشكوك فيه لانه عايز يستحوذ على المال والسلطة. لكن الزنجي مثبت على الاعضاء التناسلية، وتم تثبيته عليها مهما حاول وفي اي مجال. مملكتين: الفكرية والجنسية. الانتصاب في كتاب "المفكر" لرودين هو تفكير صادم. البني ادم المحترم مش معقولة يبقى مثار جنسيا طول الوقت. الزنجي بيشكل الخطر البيولوجي، واليهودي بيشكل الخطر الفكري.

فوبيا الزنجي هي فوبيا بيولوجية. لانه هو بيولوجي وبس. الزنوج حيوانات. بيمشوا عريانين، والله اعلم بقى...مانوني بيقول: “في محاولاته لتشخيص انسان الغاب، كاليبان، الزنجي، وحتى اليهودي بصورة الاله ساتير الاسطورية (اللي نصه حصان نصه انسان) الانسان الابيض بيبان ان فيه نقاط حساسه في نفسه لدرجة ان التفكير بيتلخبط والرغبة الجنسية بتتصل بشكل غريب بالعدوانية والعنف.” مانوني ضمن اليهودي في المسألة وشايف ان ده ممكن يكون ملائم، لكن في المجال ده الزنجي هو الرئيسي، هو المتخصص، اول ما تقول اغتصاب يبقى زنجي.

(هامش من المؤلف: لما بنشوف نتائج علاج احلام اليقظة، ح نلاقي النموذج الاسطوري ده موجود في العمق، النموذج النمطي موجود في عمق التفكير الانساني، كل ما نغوص في العمق بنلاقي الزنجي يا اما بتجسيده يا اما برمزه/ انتهى هامش المؤلف)

في خلال تلات او اربع سنين سألت حوالي 500 ابيض اوروبي، فرنسيين، انجليز، المان، طلاينة، (وايه الطلاينة دول كمان؟ دول بينضربوا بالشبشب من بقية اوروبا وبيتقال عليهم طباخين/جبهة) وعرفت احوز على ثقتهم وارتاحوا لي: في كل حالة كنت باستنى لحد ما الشخص هو اللي يثق فيا ويتكلم معايا لوحده. يعني ايه يثق فيا؟ يعني يبقى متأكد ان الكلام اللي ح يقوله ليا مش ح اتضايق منه. واحيانا في الاختبارات النفسية كنت باحط كلمة "زنجي" ضمن ستين كلمة مثلا، وكان الربط ما بين الزنجي وبين المفاهيم كده:

الزنجي: بيولوجي، عضو ذكري، قوة، رياضة، قدرة، ملاكم، جو لويس، جيسي اونس، القوات السنغالية، متوحش، حيوان، شيطان، خطيئة.

وكلمة عسكري سنغالي استخدمت كمحفز، اثارة الرعب، دموي، قاسي، قوي


من المثير للاهتمام ان حوالي واحد كل خمسين رد فعلهم على كلمة زنجي كان: نازي، اس اس. لما نعرف معنى رمزية شكل

SS

النفسية، ح نعرف ان مافيش فرق بين الكلمة دي وبين الاجوبة التانية. (الاس اس دي وحدة لحراسة هتلر وبعد كده بقت مسئولة عن المخابرات والامن المركزي والسياسات والقتل الجماعي لمن اعتقدوا انهم اقل او غير مرغوب فيهم/ جبهة/ المصدر: ويبستر) كمان فيه اوروبيين ساعدوني بانهم ادوا الاختبار لمعارفهم: في الحالات دي النسبة ارتفعت قوي. ولازم اعترف ان النتائج دي اثرت عليا كزنجي: بقى عندي حالة من النفور.

الزنجي هو رمز بيولوجي. بيدخل البلوغ وهو عنده تسع سنين وبيبقى اب وهو عنده عشر سنين، دمه حامي، ودمه قوي، قاسي. زي ما واحد ابيض قال لي بمرارة: “تكوينكوا قوي ..كلكوا". ياله من جنس جميل، بصوا على السنغال...كانوا اسمهم "شايطيننا السوداء" اثناء الحرب. بس هم متوحشين، ما اقدرش اتخيل انهم يحطوا ايديهم الكبيرة دي على كتافي، انا بارتجف لمجرد تفكيري فيهم.

طيب خلينا واعيين بقى ان التفسير في احيان كتير لازم يبقى بالضد، انا فاهم السيدة الهشة اللي قالت لي انها في اعماقها نفسها زنجي قوي يضربها في كتافها الضعيفة لحد ما يصيبها بالكدمات. سارتر بيقول لما بتذكر كلمة "يهودية شابة" بيبقى فيه دخنة من الخيال اللي مليان اغتصاب وسلب. في المقابل، نقدر نقول لما بيذكر كلمة "زنجي وسيم" بيبقى فيه تلميح من نفس النوع. انا كنت دايما باستغرب من سرعة تحول جملة "زنجي وسيم شاب" الى جمل شبه "المهر الصغير" او الحصان. في فيلم "الصباح اصبح الكترا" جزء كبير من القصة مبني على الصراع الجنسي. اورين بيوبخ اخته فيني لانها معجبة بسكان جنوب البحر العراة الرائعين. ومش قادر يسامحها على الموضوع ده. (هامش من المؤلف اللي هرا امي هوامش: خلينا نتذكر ان الموقف الى حد كبير غامض. اورين برضه بيغير من خطيب اخته، على المستوى النفسي ممكن شخصية اورين تتحلل كده: اورين اللي بيعاني من عقدة التخلي متعلق بامه ومش قادر ينفس عن رغباته الجنسية. لاحظ، مثلا، معاملته لخطيبته. اخته فيني بقى متعلقة بابوها وبتثبت لاخوها ان امهم كانت ست خاينة. بس عشان ما نعملش اخطاء، تصرفاتها هي مشروع اتهام. ولما اورين بيحصل على دليل خيانة امه بيقتل عشيقها. وكرد فعل هي بتنتحر، رغبات اورين الجنسية المقموعة اللي بينفسها بطريقته بتتوجه ناحية اخته، فيني بسبب تصرفاتها وشكلها بتحل محل امه. بعد كده اورين بيتحول لاوديب بس بالنسبة لاخته – والفيلم بيعالج النقطة دي بطريقة كويسة قوي – عشان كده اورين بيثور ويندب ويلوم اخته لما بتعلن جوازها. بس صراعه مع خطيبها عاطفي، بينما صراعه مع الزنوج السكان الاصليين بيبقى صراع على المستوى التناسلي والبيولوجي/ انتهى هامش المؤلف..ما كان يضمنه في الكتاب وخلاص) تحليل الواقع دايما صعب. اللي بيبحث ويحقق ممكن يختار ما بين تصرفين تجاه الموضوع بتاعه. ممكن يكتفي بالوصف زي طريقة التشريحي اللي بيوصف عضم قصبة الرجل وبيصاب بالذهول لما حد يسأله وانت عندك كام عضمة؟ وده لان ابحاثهم دايما على غيرهم، عمرهم ما بيفكروا انهم هم نفسهم مادة للبحث. في بداية دراستي للطب، بعد عدد من الجلسات اللي تغمم النفس في غرفة التشريح، سألت زميل ليا اقدم شوية ازاي اتجنب احساسي بالغثيان، "صديقي..تظاهر بانك بتشرح قطة...وكل حاجة ح تبقى كويسة" (يا سلااااااام يعني هم القطط ما لهمش دية يعني؟ مش بني ادمين زينا زيهم؟/جبهة). لكن لو اختار المحلل اسلوب تاني وهو الاول يوصف الواقع وبعدين يحاول يغيره. من حيث المبدأ، قرار انك توصف الواقع يبدو انه نوع من انواع التناول النقدي، ولذلك فيه احتياج اننا مدام انتقدنا يبقى لازم نوجد حل. الادب السردي والادب التحليلي الاتنين خلقوا قصص كتير عن الزنوج المقموعين. لكن تجميعهم مش ح يساعدنا في مهمتنا الحقيقية، وهي ان نكشف عن الياتهم. احنا ما يهمناش اننا بس نجمع حقائق ونرصد سلوك، ولكن اننا نعرف معانيهم. وهنا نقدر نشير لكاسبر لما كتب: “الفهم العميق لمثال معين ح يمكنا من اننا نعمم الظاهرة ونفهم عدد كبير من الحالات. عادة اللي بنفهمه كويس مرة بنقابله كتير. المهم في دراسة الظواهر اننا ندرس عدد قليل من الافراد ونفهمهم بعمق وده اهم من دراسة سطحية لعدد كبير من الافراد. السؤال هو: هل يقدر الابيض انه يتصرف بشكل صحي تجاه الاسود والعكس؟

ممكن حد يقول ده سؤال مزيف. بس لما نتأكد من ان الثقافة الاوروبية عنده صورة معينة للزنجي ومنها بيخرج كل الصراعات يبقى احنا لما بنتكلم كده مش بنبعد عن الحقيقة. في فصل اللغة شفنا ان على الشاشة صورة الزنجي النمطية بتتأكد. حتى اكثر الكتاب جدية ادوا نفسهم الحق انهم يتكلموا نيابة عن الزنجي، ونلاقي مايكل كورنوت بيكتب:


سيف الزنجي هو سيف حقيقي، لما بيطعن بيه زوجتك بتحس بشيء مختلف، وهو اكتشاف الحقيقة.

وفي الهوة اللي بيسيبها السيف لعبتك الصغيرة تتوه، مهما ضخيت لحد ما الاودة تتملي

بعرقك وممكن تبقى كأنك بتغني. دي نهايتك...لان اعضاء الزنجي التناسلية ممكن تدخل

في كاتدرائية، ولن يتركوا المبنى حتى تخمد شهوتهم، وفي المربعات الضيقة لن يكون

الامر بسيطا

(لامؤاخذة يعني..ايه الخيال العلمي ده)

وعشان يبقوا مرتاحين من غير مشاكل بيفضلوا الهواء الطلق، لكنهم بيتواجهوا باهانة مستمرة:

النخلة، شجرة العيش، وكل الاشجار الكبيرة السامقة واللي عمرها ما بتخضمع لامبراطورية، منتصبين للابد وبيوصلوا لارتفاع لا يمكن بلوغه باي حال من الاحوال


(انتهى مقتطف الراجل المجنون)


لما الواحد يقرا المقتطف ده عدة مرات ويسيب نفسه للفكرة اللي فيها يبقى مش ح يشوف الزنجي خالص، لكن ح يشوف عضوه التناسلي. الزنجي نفسه ح يتلاشى. وح يتحول لعضو تناسلي، وسهل قوي تتصور ايه اللي ممكن صورة زي دي تثيره في نفس فتاة صغيرة من ليون. الرعب؟ الشهوة؟ مش اللا مبالاة على كل الاحوال. دلوقت، ايه الحقيقة؟ متوسط طول العضو التناسلي للرجل الاسود كما يقول دكتور باليه نادرا ما يزيد عن 120 ميلي متر (4.6244 بوصة). تيستات في كتابه خصائص الانسان التشريحية بتقول نفس الكلام عن الرجل الاوروبي. لكن الحقائق دي مش بتقنع حد. الرجل الابيض مقتنع ان الزنج وحش، ولو مش ح ينبهر بطول العضو التناسلي يبقى ح ينبهر بالقدرة الجنسية للزنجي. لما بيواجه الراجل اللي هو "مختلف عنه في كل حاجة" بيحس انه محتاج يدافع عن نفسه. بقول اخر، هو بيجسد الاخر. الاخر هو دعامة افكاره ورغباته. (ام هامش من ام المؤلف: فيه كتاب قبلوا فكرة التحامل على الاسود وحاولوا يفسروا ليه الرجل الابيض مش قادر يفهم الحياة الجنسية للرجل الاسود وبنلاقي دي بيدرال كاتب كلام وان كان صحيح الا انه مش بيوصل لعمق اسباب الرجل الابيض في التحامل على الاسود وبيقول: الطفل الزنجي لا بيتفاجئ ولا بيتكسف من الحقائق التناسلية، لان اهله بيقولوا له كل حاجة، وده واضح، من غير ما نقع في غموض التحليل النفسي، وعشان كده الطريقة المختلفة دي في التربية بتأثر على طريقة تفكيره ومن ثم طريقة تصرفه، وبما ان الجنس بيتقدم له على اساس انه اكتر حاجة طبيعية واكتر حاجة جديرة بالثناء، لانها هي السبب في الحمل، فالافريقي ح يفضل يحتفظ بالنظرة دي لاخر لحظة في حياته، بينما الاوروبي طول حياته بيفضل محتفظ بعقدة الذنب تجاه الجنس اللي ولا التجربة ولا العقل ح يفلحوا في محوها، وبالطريقة دي الافريقي بيميل لانه يشوف حياته الجنسية انها جزء من حياته السيكولوجية بالظبط زي الاكل والشرب والنوم، وطريقة التفكير دي بتتفادى التشتيت اللي الاوروبي بيعاني منه عشان يتصالح مع ضميره واحساسه بالذنب وعقله المتردد وغريزته المقموعة (كل اللي بيعملوه ده ومقموعة؟/جبهة) وعليه فالاختلاف الاساسي مالوش علاقة بالطبيعة او التكوين الجسدي، ولكن له علاقة بالمفهوم، وعليه كمان فان غريزة التكاثر واللي نزعت الهالة المقدسة اللي موجودة في ادبنا القديم المزرخرف، ماهياش فكرة مسيطرة على دماغ الافريقي زي ماهي مسيطرة على دماغنا، بالرغم من كلام الكتير من تلامذتنا اللي شرحوا اللي شافوه من خلال منهج احادي في تحليل انفسهم/ انتهى هامش المؤلف) العاهرة اللي كنت جبت سيرتها قبل شوية، بتقول لي ان بحثها عن الزنجي ابتدى لما سمعت حكاية: في ذات ليلة امرأة كانت مع زنجي في السرير واتجننت، وفضلت مجنونة لمدة سنتين، ولما خفت رفضت انها تنام مع حد تاني، العاهرة ما تعرفش ايه اللي جنن الست، لكنها بتحاول تحقق اللي حصل مع الست دي معاها هي. عشان تعرف السبب اللي لم يذكر. يبقى لازم نلاحظ انها بتدور على التدمير والذوبان لذاتها على المستوى الجنسي. كل تجربة مع اي زنجي بتؤكد محدوديتها، هذا الهذيان الخاص بالنشوة الجنسية عمره ما اتحقق. مش عارفة توصل للي هي عايزاه فبتنتقم من نفسها بانها تسيب نفسها فريسة للاحتمالات.

فيه حاجة بس لازم نذكرها: الست البيضا اللي بيبقى لها صديق اسود بتلاقي صعوبة في انها تصاحب بعد كده راجل ابيض، او على الاقل الرجالة البيض مؤمنين بكده: “مين يعرف هم ممكن يدوا ايه للست؟" صحيح مين يعرف، ماحدش يعرف فعلا. انا ما اقدرش اتجاهل تعليق ايتيامبل:

الغيرة العنصرية هي اللي بتنتج جرائم العنصرية:

بالنسبة لرجال بيض كتير الرجل الاسود هو عبارة عن هذا السيف الهائل اللي

ما ان يلبث ان يطعن زوجاتهم حتى يجعلهم يبدون صغارا، احصاءاتي

لم تفلح في ان تمدني بالوثائق في هذه النقطة، بس انا عرفت زنوج وبعض

النساء البيض اللي عملوا علاقات مع زنوج، واخيرا سيدات زنجيات عملوا

علاقات مع رجالة بيض وسمعت اسرارهم وعرفت منهم اللي يخليني أحزن على السيد

كورنوت اللي استخدم موهبته عشان يجدد اساطير بتدي للرجل الابيض

مبررات مزيفة: احساس بالعار، التشكك، وبالتالي فعال بشكل مضاعف.


معرفة الحقيقة مهمة لا تنتهي، بنراكم الحقايق، ونناقشها، ولكن مع كل سطر بيتكتب، ومع كل مقولة بنقولها، برضه الواحد حاسس ان فيه حاجة ناقصة. جابريل داربوزيه كتب يهاجم سارتر ويقول:


هذه المقتطفات اللي بتحط الانتيل والغانيين والسنغال والملاجاش كلهم زي بعض، بتخلق حالة من

الارتباك. بالطريقة دي هو بيقرر المشكلة الثقافية للبلاد اللي عبر البحار باجتزائها من

حقيقتها الاجتماعية والتاريخية الخاصة بكل واحدة فيهم، ومن شخصيتها القومية

والاختلافات في الظروف اللي فرضت عليهم من قبل الاحتلال بالاستغلال والظلم.

وعليه فلما كتب سارتر "لما يبحث الزنجي في عمق ذاكرته ويفتكر

انه كان عبد هو كده بيأكد ان المعاناة هي قدر الانسان وانها ذات قيمة بهذا المفهوم" هل سارتر اخد

في اعتباره معنى الكلام ده بالنسبة لواحد من الهوفا؟ او مغربي؟ او توريج؟ او بويل؟ او من الكونغو؟

او من ساحل العاج؟


والله اعتراض الراجل معقول، وينطبق عليا انا كمان، في البداية كنت عايز احدد نفسي في الانتيل، بس بصرف النظر عن التبعات، الجدل اخد مداه وكنت مدفوع باني اشوف ان الانتيل هو نموذج لكل الزنوج. ومع ذلك مش ممكن نتجاهل ان فيه زنوج اللي جنسيتهم بلجيك وللا انجليز وللا فرنساويين وكمان فيه جمهوريات للزنوج. ازاي الواحد يدعي انه مسك الجوهر بينما حقايق زي دي محتاجة ان الواحد يلاحظها؟ الحقيقة ان العرق الزنجي تم بعثرته، وما نقدرش ندعي وحدته. لما قوات إيل ديوس غزت اثيوبيا حصلت حركة وحدة بين كل الملونين، لكن بالرغم من ان طيارتين او تلاتة ارسلتهم الولايات المتحدة الامريكية للبلد اللي عانت من الغزو، مافيش اسود واحد اخط اي خطوة عملية. الزنجي عنده بلد، بياخد مكانه في الكومونويلث. وكل وصف لازم يتاخد على انه ظاهرة متفردة، بس تاني برنجع للمفاهيم المطلقة. الوضع العالمي للزنجي فيه غموض، لكنه بيتحل بوجوده المادي. وده تشابه بينه وبين اليهودي، اللي ح اقوله ده ضد كل الجدليات اللي طرحتها: اينما ذهب الزنجي فهو زنجي وفقط.

في بعض البلاد الزنجي دخل في الثقافة. وزي ما قلنا قبل كده، ح يبقى صعب اننا ننسب اهمية كبيرة للطريقة اللي الاطفال البيض بيتعاملوا بيها مع حقيقة الزنجي. في الولايات المتحدة مثلا، حتى الطفل الابيض اللي مش عايش في الجنوب واللي فيه سود كتير، الا ان الاطفال البيض حتى اللي في الشمال بيتعرفوا على الزنجي من خلال اسطورة انكل ريموس. (في فرنسا موازي له انكل توم/المؤلف) (انكل توم وانكل ريموس هو الاسود اللي بيعمل قرد عشان ينال رضا الرجل الابيض/جبهة) ابن سالي وجون بيقعد يسمع بخليط من الخوف والاعجاب لقصص الارنب برير (اه كده ح اضطر احكي لكوا الحكاية من الاول، بقى فيه زمان قصص من الفلكلور الامريكي عاملة زي كليلة ودمنة كده، الراوي كان انكل ريموس العبد اللي من الجنوب، والقصص كلها عن الحيوانات والشخصية الرئيسية فيها كانت الارنب برير/جبهة). برنارد وولف بيقول ان التناقض اللي موجود في الرجل الابيض ده هو اهم سمة في الشخصية الامريكية. واستنادا على قصة حياة جويل تشاندلر هاريس (اللي هو مؤلف مجموعة قصص انكل ريموس/ جبهة) وولف بيقول ان الاعجاب بالاسود بيوصل عند الابيض لدرجة التوحد معاه.

فحوى القصص دي واضح قوي، الارنب برير بيتصارع مع كل الحيوانات اللي في الدنيا، وطبعا هو دايما الكسبان. القصص دي بترجع للتراث الشفهي للزنجي المزارع. عشان كده من السهل اننا نلاحظ ان الزنجي متخفي في الارنب، وبيبان ده من طريقة سخريته. عشان يحموا نفسهم من مازوخيتهم اللا واعية، واللي بيدفعهم للاعجاب المبهور بالارنب او الاسود، حاول البيض انهم يصرفوا القصص دي في امكانياتهم العدوانية. وبالطريقة دي عرفوا يقنعوا نفسهم ان "الرجل الاسود بيخلي كل الحيوانا تتصرف كأنهم التنظيم الاقل للذكاء الانساني، النوع اللي بيفهمه الزنجي. الانسان الاسود بيحس انه على اتصال اكثر حميمية بالحيوانات الطيبة اكتر من الرجل البيض، واللي هو احسن منه على كل مستوى". وفيه بقى منهم ناس طوروا النظرية دي، وببجاحة بيقولوا ان القصص دي مش نتاج الاحوال السيئة اللي بيمر بيها الزنجي في الولايات المتحدة الامريكية، لكن دي اثار من القصص الافريقية. وولف بيشرح لنا التفسير ده:


واضح بالدليل القطعي ان الارنب برير حيوان لان الزنجي لازم يبقى حيوان

الارنب غريب لان الاسود لازم يبقى موسوم بانه غريب وده موجود في

الكروموزومات بتاعته. من بداية العبودية، ذنب الجنوبي المسيحي والديمقراطي

اللي نتج عن استعباده للاسود بيدفعه دايما انه يعمل حيلة دفاعية ويصف

الاسود بانه حيوان، وعمره ما ح يتغير، افريقي وح يفضل افريقي. ولو

الاسود لقى نفسه متصل بفصيلة الانسان باي وسيلة يبقى هو ضحية

صفاته الوراثية اللي جابها من جدوده في الادغال مش ضحية الرجل الابيض


عشان كده الجنوبي بيرفض يشوف في القصص دي العدوان اللي بيوجهه الاسود ناحيته. لكن وولف بيقول ان مؤلفات هاريس كانت سايكوباتية:


هو كان ماهر في الكتابة دي لانه كان مفعم لدرجة الانفجار بامراض العنصرية

اللي كانت بتعذب الجنوبي وكل الامريكان بدرجة اقل. بالنسبة لهاريس زي ماهو

بالنسبة لبيض كتير الاسود هو النموذج العكسي للذات القلقة للابيض، الاسود:

مش قلق، مستأنس، سلس، عضلاته مسترخية، ما بيزهقش ابدا،

او سلبي، بيستعرض اعضاءه التناسلية من غير ما يتكسف، ماعندوش احساس

بالشفقة على الذات بالرغم من معاناته الضخمة


لكن هاريس كان دايما عنده احساس انه معوق، عشان كده وولف كان دايما شايفه مقموع – لكن مش بالمفهوم التقليدي: هو ماقدرش يتصرف بالشكل "الطبيعي" بتاع الزنجي بسبب جوهره الانساني. ماحدش منعه؛ بس هو ده كان مستحيل بالنسبة له. مش محرم، بس لكن غير مدرك. لانه حاسس انه مقموع من تصرفات الزنجي التلقائية فهو عايز يقمع الزنجي، وبيحاوطه بالممنوعات من كل نوع. وبكده يبقى الرجل الابيض ضحية اللا وعي، وولف بيقول:


قصص ريموس هي رمز للتناقض اللي موجود في الجنوب.

هاريس، وهو النموذج النمطي للجنوبي، بيدور على حب الزنجي

وبيدعي انه حصل عليه من خلال ابتسامة الزنجي

(فاكرين رواية ذهب مع الريح؟/جبهة)

وفي نفس الوقت كان بيناضل عشان يحصل على كراهية الزنجي من خلال

شخصية الارنب برير، واعلنها بشكل صاخب، بطريقة مازوخية غير واعية – وممكن

جدا يكون بيعاقب نفسه على انه مش هو الرجل الاسود، الزنجي النمطي، المعطاء بشكل

مذهل. ومن الممكن ان الابيض الجنوبي ويمكن كل البيض

بيتصرفوا تجاه الاسود بنفس الطريقة


No comments: