Friday 4 July 2008

جلد اسود اقنعة بيضاء: الجزء الاول من الفصل السادس

معلش اعذروني على التأخير لاني فعلا حزينة، بس قلت زي ماهو فضل يشتغل لاخر لحظة في حياته، احنا كمان نعمل زيه لو بنحبه.
الفصل السادس طويل، يعني بمقام تلات فصول من اللي فاتوا، بس ما قدرتش النهاردة اترجم غير الشوية دول وان شاء الله اشد حيلي في اللي جاي، الا ابو امير ساب لي تعليق فيه حاجة وبعدين بادور عليه مش لاقياه، هو سابه فين؟
المهم الجزء الاول من الفصل اهو:


الفصل السادس

الزنجي والمرض النفسي

مدارس التحليل النفسي درست السلوك العصابي للمجموعات لما تتحط في ظروف معينة، وفي مناطق حضارية معينة. وفي استجابة لمتطلبات الجدلية، لازم نتحقق من الاستنتاجات اللي وصل لها فرويد وادلر، ونعرف اذا كان ممكن تطبيقها على الملونين وللا لا.
مهمة التحليل النفسي الرئيسية هي فهم نسق سلوكي معين – في اطار مجموعة معينة ممكن تتمثل في الاسرة.
لما تكون المشكلة هي مرض نفسي بيعاني منه انسان ناضج، تبقى مهمة المحلل انه يكتشف في التكوين النفسي الجديد تحليل العناصر الطفولية فيه، هي تكرار، او مضاعفة للصراعات اللي بتمتد جذورها للتكوين الجوهري للاسرة. في كل مرة المحلل بيتمسك بالاسرة كظرف نفسي للمريض.
لكن هنا الظرف ح يكون معقد شوية، في اوروبا الاسرة هي البوابة اللي الطفل بيتعرف من خلالها على العالم. وفيه اتصال قوي ما بين تكوين الاسرة وتكوين الامة. السلطة العسكرية والمركزية في الامة مرتبطة دايما بالسلطة الابوية في الاسرة.
في اوروبا، وفي كل بلد "متحضرة" او "حضارية" الاسرة هي تصغير للامة. وزي ما بيكبر الطفل في ظل والديه، بيلاقي نفسه بعد ما كبر تحت سيطرة نفس القوانين، والمبادئ، والقيم. وعليه، فالطفل الطبيعي اللي نشأ في اسرة طبيعية ح يكون انسان طبيعي. (هامش المؤلف: ربنا يستر وما اتحاكمش على الجملة دي، المتشككين ح يقعدوا يزهقوني "ايه اللي تقصده بالطبيعية"، على اي حال الكتاب هنا مافيهوش مجال اني اشرح وجهة نظري في معنى الطبيعية اللي اقصده، وعشان احدد اهم العناصر، خليني احيلهم على الكتاب التعليمي لجورج جانجهوليم "مقالات حول المشاكل المثارة بخصوص الطبيعي والمريض" بالرغم من ان توجه الكتاب الوحيد هو توجه بيولوجي، وخليني اقول ان في اطار التكوين النفسي، الانسان اللي مش طبيعي هو هو اللي له طلبات كتير، واستجداءات كتير، وتوسلات كتير/ فانون) في المقابل داخل المجتمعات المقفولة – المجتمعات اللي حمت نفسها من طوفان "الحضارة" – برضه الانسان بيشتبك مع نفس التكوين اللي شرحناه قبل كده. في مسرحية "ارواح الاقزام في افريقيا" بنلاقي الاب ترييل، بيقنعنا ان بالرغم من الاحتياج الشديد لتنصير روح الزنجي المتوحشة، الا ان وصف المسرحية للثقافة الزنجية ككل – العبادات، ثبات الطقوس، استمرار الاساطير – مافيهوش اي حاجة مصطنعة زي الوصف اللي في مسرحية "فيلسوف البانتو". في الحالتين الاسرة هي اللي بتقدم البيئة الاجتماعية، صحيح ابن نشال بيطلع حرامي، لانه متعود على قوانين عشيرته اللي بتقبل ده، مش بس كده، ده كمان لما يكبر ح يتفاجئ ان فيه ناس مش حرامية، وح يستغرب، لكن لو دربناه بشكل مختلف – الا في حالات الانحرافات الشديدة (هيوير...هامش المؤلف: حتى التحفظ ده قابل للنقاش، شوف مثلا السؤال اللي قاله الانسة جوليت بوتونيه: مش يمكن المنحرف ده يكون نتاج متطرف لبيئة عاش فيها وهو طفل، عززت، ان لم تكن خلقت، انحرافه او على الاقل اظهرت ميوله اللي موجودة واللي لوحدها مش ممكن تكون مسئولة عن انحرافه؟/انتهى هامش فانون) من خلال التدريبات الجديدة دي ممكن نغير سلوكيات الحرامي اللي نشأ في بيئة سرقة ونغير اخلاقه،
واضح في كل الحالات ان المرض ان الاسرة هي سبب الامراض.

بالنسبة للفرد، سلطة الدولة هي استنساخ من سلطة الاسرة اللي تكون فيها وهو طفل. بشكل مطلق، الطفل بيشابه كل السلطات اللي بيقابلها في حياته بالسلطة الابوية: هو بيشوف الحاضر في اطار الماضي، زي كل التصرفات الانسانية، السلوك تجاه السلطة الواحد بيتعلمه، وبيتم تعلمه في قلب الاسرة اللي بتنظم توزيع السلطات وممارستها.
(جوكام ماركوس)

لكن – ودي اهم نقطة – احنا بنشوف العكس في الانسان الملون. الطفل الزنجي الطبيعي اللي بيكبر في اسرة طبيعية، ح يتحول لانسان مش طبيعي في اول اتصال له مع العالم الابيض. الجملة دي ممكن ما تتفهمش على طول، عشان كده خلينا نرجع لمراجعنا، فرويد كتب عن دكتور بروير:

تقريبا في كل حالة، بنلاقي الاعراض وكأنها بقايا خبرة عاطفية، وعشان كده بنستخدم مصطلح الصدمة النفسية، شخصياتهم الفردية كانت متصلة بالمشاهد الصادمة اللي اثرت فيهم. وفقا للاصطلاح الكلاسيكي، الاعراض بيتم تحديدها من خلال "مشاهد" هي بقايا الخبرات وما بقيناش بنبص لها على انها مشاهد تعسفية او غامضة صادرة من عقل مختل. على عكس المتوقع، اكتشفنا انه مش حدث واحد هو اللي بيبقى متسبب في العرض؛ غالبا العرض بيبقى نتاج تراكم صدمات، بتتكرر وتتداخل.
عشان كده كان من الضروري اننا نرتب المشاهد دي بالترتيب الزمني، بس الترتيب يبقى عكسي: احدث حاجة تبقى في البداية واقدم حاجة تبقى في الاخر. كان صعب علينا قوي اننا نوصل للصدمة الاولى القديمة واللي هي اصلا السبب في الاول في الانهيار الاخير.

يعني مش ممكن تتقال اوضح من كده، كل عصابي عنده مصدر قديم لعصابيته، بعد كده فرويد قال:

الصدمة دي،انطردت من وعي المريض وذاكرته، وبالتالي ده بيحميه من الم ومعاناة لا تحتمل، لكن الرغبات المكبوتة بتفضل جوة اللا وعي؛ وبتفضل مستنية تعلن عن نفسها وتطلع للوعي بشكل متخفي بحيث ان يبقى صعب التعرف عليها، بقول آخر، الافكار المكبوتة بتطلع في الوعي على شكل افعال بديلة، بتطلع مصغرة ومصطنعة، وبتحيط نفسها باعراض مرضية، عشان تتجنب القمع.

ماذا نرى في حالة الانسان الاسود؟ اذا ما استخدمناش المسلمات المخيفة اللي بيقدمها لنا جانج (كارل جوستاف جانج عالم نفسي سويسري ولد 1875 ومات 1961، ايوة عاش ده كله/جبهة) بخصوص اللا وعي الجمعي، يبقى مش ح نفهم ولا حاجة وح يحصل خلل في توازن حساباتنا. فيه مأساة بتتمثل كل يوم في الدول اللي بتعاني من الاستعمار، يعني مثلا، الشاب الزنجي اللي بيخلص مدرسة ويروح للسربون عشان يدرس عشان يبقى مدرس فلسفة، بتلاقيه متحفز طول الوقت ومن قبل ما يحصل اي صراعات، او يتكالب عليه الناس، طب ده يتفسر ازاي؟ رينيه مينيل بيشرح ردود الافعال دي بمنهج هيجيلي. من وجهة نظر ده "نتيجة استبدال الروح الافريقية المقموعة في وعي العبد بسلطة بترمز للسيد، وهو رمز مزروع التكوين العميق للمجموع ومقرون بتحقيق النظام كأنه حامية بيقوم بيها الغازي عشان يسيطر على المدينة". ح نشوف في القسم اللي خصصناه لهيجل ان رينيه مش غلطان. ومع ذلك من حقنا نسأل نفسنا: ليه رد الفعل ده موجود لحد القرن العشرين اللي فيه اشكال اخرى من محاولة التوحد مع الرجل الابيض؟ كتير قوي الزنجي اللي بيبقى مش طبيعي بيبقى ما كانش عنده اي علاقات مع البيض. يبقى ليه رد الفعل ده؟ هل مثلا كان فيه خبرات بعيدة حصلت لغيره واتغرست في اللا وعي؟ هل وهو طفل شاف ابوه وهو بينضرب او بيتقتل من البيض؟ هل فعلا فيه صدمة حصلت له؟ طب ولو الاجابة جات على كل الاسئلة دي: لا، يبقى ايه؟
لو عايزين نجاوب صح، يبقى لازم نرجع لفكرة التطهر الجماعي. في كل مجتمع، في كل جماعة، بيبقى موجود – لازم يبقى موجود – قناة تنفيسية للتخلص من طاقة العدوان المتراكمة. وده الهدف من العاب الاطفال في المؤسسات، والسايكو دراما (المسرحيات النفسية) في العلاج النفسي، وبشكل اعم، المجلات المصورة للاطفال برضه – كل مجتمع، طبعا، بيحتاج النوع اللي يناسبه من التطهير. يعني قصص طرازان، القصص الاسطورية عن الاطفال العباقرة المكتشفين (زي نوسة لوزا تختخ عاطف محب كده/جبهة)، مغامرات ميكي ماوس، وكل الكتب الفكاهية، بتعمل تنفيس عن الاحساس الجمعي بالعدوانية في المجتمع. في الانتيل – وفيه اسباب كتير تخلينا نقول ان الوضع في الانتيل مشابه للوضع في بقية الدول اللي بتخضع للاحتلال – الاطفال بيلتهموا المجلات دي نفسها. في المجلات اللي فيها الذئب، الشيطان، الارواح الشريرة، الراجل الشرير، دايما المتوحش بيبقى يا اما اسود يا اما هندي احمر (ايوة عصابة القناع الاسود زنوج/جبهة)؛ وبما ان دايما بيبقى التوحد مع المتنصر، الزنجي الصغير، بالظبط زي الطفل الابيض، بيحس نفسه انه هو المكتشف، وهو المغامر، وهو الارسالي، "اللي بيواجه خطر ان الزنوج ياكلوه" (مرة وانا عندي سبع سنين قلت لعزة خليل بنت طنط محسنة توفيق وكنا بنتفرج على فيلم كاو بوي: يا خبر الاشرار الهنود الحمر ح يقتلوا البطل، فعزة قالت لي: الهنود مش اشرار، دول هم صحاب البلد والبطل ده جه ياخد منهم بلدهم. عزة كانت اكبر مني بشوية، مش ح اقول بكام :) بس مش عارفة ساعتها حسيت اني مستغربة ومكسوفة من نفسي: يعني يا عزة الهنود دول حلوين؟ عزة: ايوة حلوين والبطل هو اللي وحش، وحش زي اسرائيل بالظبط. ومن ساعتها وانا بطلت اتفرج على افلام كاو بوي خالص، ويمكن الكلمة اللي قالتها عزة دي انقذتني من تأثير كان ح يحطم دماغي ونفسيتي الى الابد/جبهة) فيه ناس ح تقول ان ده مش مهم؛ لكن بسبب الناس اللي بتقول ده مش مهم دول ماحدش فكر في تأثير المجلات دي على الاطفال. جي ليجمان بيقول عن المجلات دي:


باستثناءات بسيطة، كل طفل امريكاني كان عنده ست سنين سنة 1938 اندمج في حوالي 18000 مشهد على الاقل من مشاهد الدم والعنف....الامريكان والبويريين (البيض في جنوب افريقيا) هم الوحيدين اللي طردوا السكان الاصليين من ارضهم، وبسرعة رهيبة، بدليل اننا لسة فاكرين السكان الاصليين اللي في طريقهم للاندثار. وبالتالي فضمير الامريكي غير مرتاح، ومحتاج لتهدئة من خلال خلق صورة الهندي الوحش الشرير عشان يبرر لنفسه اللي هو عمله، وتحسبا لبعدين حد ييجي يصور اصحاب الارض انهم ابطال تاريخيين بيدافعوا عن بلدهم ضد المغتصب اللي بيواجههم بالبندقية والانجيل، عشان كده بنحاول نطلع ان الضحية هو الغلطان؛ باننا نثبت - على الاقل لنفسنا – لما ضربناهم وفجرناهم اولا احنا اصلا كنا بندافع عن نفسنا. (ليجمان بيكمل وهو بيتوقع تأثير المجلات دي على الامريكان/فانون): لسة مافيش اجابة على السؤال: هل هذا التركيز المرضي على العنف والقتل هو بديل للرغبات الجنسية المحرمة او انها لا تخدم هدف توجيه رغبة الطفل والناضج للعدوان على النظام الاقتصادي والاجتماعي واللي بيسبب انحرافهم بموافقتهم، وده كمان موازي لوجود خط مفتوح من الرقابة الجنسية؟ في الحالتين، جذور الانحراف، سواء جنسية او اقتصادية، موجودة في الجوهر؛ عشان كده، طول ما احنا مش قادرين نهاجم القمع ده، كل هجوم ح يبقى شكل من اشكال الوسائل الهروبية زي اللي في القصص الكوميدية، وح يفضل هجوم عقيم.

الطفل اللي في المدرسة في الانتيل، اللي طول الوقت بيتكلم في دروسه عن "اجدادنا الجولز (الفرنسيين القدامى)” (هامش المؤلف: الواحد لما بيقرا كتب التعليم في الانتيل بيضحك، لان الحقيقة واضحة، لو بص في المراية ح يعرف انه مش حفيد الجولز، بس هي دي الوسيلة لتغيير تفكير الانتيل) بيتوحد مع مكتشف القارات، جالب الحضارات، الابيض اللي بيحمل الحقيقة للمتوحشين – حقيقة بيضا قوي. التوحد – بمعنى ان الزنجي بيسلك سلوك الابيض، بينفس من خلال البطل، اللي هو ابيض، عن كل ميوله العدوانية – في السن ده (التوحد) بيبقى مرتبط بالولاء المقدس. الولاء المقدس اللي بيتخلله السادية. الطفل اللي عمره تمن سنين لما يقدم هدية، حتى الكبير كمان، ما يقدرش يستحمل الرفض، واحدة واحدة، الواحد بيلاحظ في الشباب الانتيلي تكوين وتبلور لسلوك وطريقة تفكير ورؤية كلها في جوهرها تعود للرجل الابيض.في المدرسة لما بيقرا قصص عن المتوحشين اللي بيحكيها واحد ابيض، على طول بيتخيل ان المتوحش ده سنغالي. لما كنت في المدرسة كنت اقعد اتكلم في الحصص عن تخيلي عن لبس السنغالي المتوحش. كل اللي كنت باقوله كان مبني على عدم الوعي اللي اقل ما يقال انه انه متناقض. لان الانتيلي مش بيفكر في نفسه على انه انسان اسود، هو بيقول انا انتيلي. الزنجي بيعيش في افريقيا. بشكل ذاتي وفكري الانتيلي متبني وجهة النظر البيضا. (دي عاملة زينا خالص بالذات المصريين/ جبهة). لكن الحقيقة هو زنجي، ودي الحاجة اللي ح يعرفها لما يروح اوروبا؛ ولما يسمع ذكر الزنوج ح يلاحظ ان الكلام بيشمله هو والسنغال مع بعض، يبقى ايه الاستنتاج اللي ح نوصل له في المسألة دي؟
لما تفرض نفس "الروح الشريرة" على الابيض والاسود في التعليم ده غلط كبير. لو الواحد عايز يفهم "الروح الشريرة" بمعنى انه يعرف “الهو” يبقى الكلام مفهوم (انتوا عارفين الهو مش كده؟ الانا العليا اللي هي الضمير، والانا اللي هي الذات والهو اللي هي المكبوتات الشريرة/جبهة) . وعشان نكون اصدق؛ ح يبقى الاطفال اللي بيدرسوا القصص دي هم نفسهم الروح الشريرة. اظن واضح من كلامي اني عايز مجلات اطفال خاصة بالسود، وقصص اطفال ومناهج تعليم خاصة بالسود، واغاني للاطفال السود، واكيد تاريخ مكتوب بوجهة نظر سودا ليهم على الاقل في التعليم الاساسي. لاني اعتقد ان لو فيه صدمة بتأثر في حياة الانسان تبقى في السن ده، اظن كده على الاقل لحد ما يثبت العكس. الانتيلي فرنسي بيطلب منه انه يعيش مع مواطنين بيض، لكن هو مش ابيض، واضح اننا ناسيين النقطة دي.
الاسرة البيضا هي جزء من نظام معين. المجتمع هو مجموع الاسر اللي فيه، ومؤسسة الاسرة هي البذرة اللي بتكون وبترسم شكل المجتمع. مجتمع لمجموعة قومية. (تخيل بقى لو الاسر دي شواذ بيتبنوا اطفال يبقى المجتمع كله عامل ازاي..كركركركركر..ده يبقى مسخرة، الا ايه سر هوجة الشواذ اللي طالعة اليومين دول؟ لازم الموضوع وراه بزنس/جبهة) المجتمع والاسرة بيشتغلوا بنفس الفاس. والاسرة البيضا هي الورشة اللي الانسان بيتمرن فيه عشان يخرج للمجتمع. “الاسرة بتدخل في الانا العليا" زي ما ماركوس بيقول، "وبتحقن فيه السلوك السياسي" وانا باقول والسلوك الاجتماعي كمان.
الاسود طول ماهو وسط اهله، ينفع نطبق عليه نفس القانون، بس لما بيروح اوروبا، لازم يعيد تقدير حساباته، بالنسبة للزنجي في فرنسا، وهي بلده، ح يحس باحساس مختلف. وبنسمع كتير الملاحظة اللي بتقول: الزنجي هو اللي بيدني نفسه. الانتيلي فرنسي مطلوب منه يعيش مع البيض المواطنين اللي زيه، دلوقت، الاسرة الانتيلية على الصعيد العملي ما عندهاش اي صلة بتكوين الامة – الاوروبية او الفرنسية - . وعشان كده الانتيلي عليه ان يختار ما بين اسرته وما بين المجتمع الاوروبي، بقول اخر، الفرد اللي بيصعد للمجتمع الاوروبي "المتحضر" عليه انه يلفظ اسرته الافريقية "المتوحشة" على صعيد الخيال، وعلى صعيد تاريخه الطفولي اللي اتكلمنا عليه قبل كده. في الحالة دي يبقى الشرح بتاع ماركوس شكله كده:

الاسرة < الفرد > المجتمع

ونتيجة لكده فالاسرة ح تسيب مكانها في الانا العليا وتروح للهو.
الزنجي ح يلاحظ كذب حاجات كتير كان مؤمن بيها بخصوص السلوك الذاتي للرجل الابيض. اول ما يلاحظ كده تدريبه الحقيقي ح يبتدي. الحقيقة ح يثبت انها مقاومة بقوة، بس ح يتم الاعتراض عليها، لانك بتوصف الظواهر الكونية، معيار النضج اللي بيبقى في الحقيقة تطويع الذات للتعامل مع المجتمع. واجابتي ان النقد ده رايح في السكة الغلط، لاني لسة قايل ان الزنجي لازم يكتشف حقيقة الاساطير اللي تم حقنه بيها. الزنجي مش واخد باله انه مضحوك عليه طول ماهو في بيئته المحدودة، بس مع اول تعامل مع الابيض ح يحس بالقهر والعبء اللي بيشكله لونه عليه. ( هامش المؤلف: بالمناسبة دي من المناسب اننا نذكر اللي قاله سارتر: بعض الاطفال في سن خمس او ست سنين، عادة ما يكون له ذكرى عن خناقة مع اطفال قالوا عليهم "ييدز" (اسم لليهود شتيمة) وفيه اطفال تانيين بيفضلوا جاهلين بالموضوع ده لفترة من الوقت. بنت يهودية شابة في اسرة انا اعرفها ما كانتش تعرف معنى كلمة يهودي غير لما بقى سنها خمستاشر سنة. وفي اثناء الاحتلال كان فيه طبيب يهودي قافل على نفسه وبيربي ولاده من غير ما يجيب لهم سيرة عن اصلهم. بس في كل الاحوال ح ييجي اليوم اللي يعرفوا فيه الحقيقة، احيانا من الابتسامات المريبة، من الاشاعات، من الاهانات، وكل ما اتأخر الاكتشاف كل ما كانت الصدمة ابشع، فجأة بياخدوا بالهم ان الناس تعرف عنهم حاجة هم ما كانوش يعرفوها عن نفسهم، وبينادوهم باسم وحش ويضايق وعمرهم ما سمعوه في اسرتهم/ انتهى هامش فانون)
وبعدين ييجي دور اللا وعي. بما ان المأساة العنصرية بتتم بشكل واضح ومفتوح، فالاسود ما عندوش وقت يلعب لعبة اللا وعي. هو الرجل الابيض بينجح في انه يدخل اللا وعي في اللعبة لبعض الوقت، لان فيه عنصر جديد دخل وهو عنصر الذنب. عقد الزنجي الدونية او التفوقية او المساواة كلها في اطار الوعي. وكل المشاعر دي بتصيبه بالبرودة للابد. هم اللي بيصنعوا مأساته. مش ح نلاقي في الحالات العصابية للزنوج اي فقدان ذاكرة عاطفي.
كل ما اقرا كتاب عن التحليل النفسي، واناقش المشاكل مع اساتذتي، او اتكلم مع مرضى اوروبيين، كنت باتصدم من كم التفاوت ما بين المخطط النفسي المفترض، وما بين اللي بيمثله الزنجي. وده خلاني استنتج اكتر ان فيه استبدال جدلي بيفرق كتير لما نتكلم عن نفسية بيضا، ونفسية سودا.
“القيم المبكرة"
اللي بيتكلم عنها تشارلز اوديه بتختلف من الرجل الابيض للرجل الاسود. والدافع للتفاعل مع المجتمع مش نابع من نفس المصدر النفسي، بصراحة باردة، فيه عالمين، والدراسة الممحصة لازم تتقسم لقسمين:
1- تحليل نفسي لخبرة الانسان الاسود الحياتية
2- تحليل نفسي لاسطورة الزنجي
لكن الواقع، وهو مصدرنا الوحيد، بيحول دون تطبيق العملية دي، لان فيه حقائق اكثر تعقيدا، ايه هم؟

No comments: