Monday 29 October 2007

نص الخطاب الموجه الى زاهي حواس

البحث عن جهة اعتبارية لتبنى حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالتراث المعمارى
الأستاذ الدكتور رئيس مجلس الوزراء،
تحية طيبة وبعد،

بالإشارة للمجهودات المضنية التى تقوم بها الدولة أملاً فى مستقبل افضل لمصرنا الحبيبة من خلال تحقيق نهضة شاملة، فإن المسئولية تتطلب أن اتوجه لسيادتكم لطلب النظر فى أحدى القضايا الجادة وهى حقوق الملكية الفكرية للتراث المعماري. فمنذ ثلاث سنوات وأنا أسعى للوصول لجهة اعتبارية يمكن ان تتبنى تلك القضية لعل يكون لها مردود ايجابي علي المستوي التاريخي والاستثماري والسياحي والسياسي.

ولقد تعمدت أن اترقي بتلك القضية الغاية فى الأهمية للجنة الدائمة لأساتذة العمارة حتي لا اُتهم أني غير مختص حيث أود ان أشير ان لى خبرة تبلغ 23 عام فى دراسة تراث الاقصر وهى فترة زمنية قمت خلالها بالعديد من الدراسات عن الاقصر (ماجستير ودكتوراه) كما شاركت فى المرحلة الأولى من مشروع التنمية الشاملة.

أما القضية التى سبق واشرت إليها فقد أُثيرت في كثير من المحافل العلمية والندوات المجتمعية وقد كتبت عنها بالفعل في الصحف و إضافة إلى ذلك تطرقت لها الكثير من البرامج الاذاعية والمرئية، وعلى الرغم من ذلك لم يتخذ اى إجراء بشأنها (مرفق اسطوانة مدمجة). و الأن وقد امتلئت الصحف بمناقشة القضايا الثقافية الخاصة بالتراث المصرى مثل: عجائب الدنيا السبع و رفع تراث مصر من خارطة اليونسكو، وعدم قبول اعارة رأس نفرتيتي وهدم باب المغاربة بالمسجد الاقصي وإنعقاد المؤتمر الآول للملكية الفكرية للعالم العربي تحت رعاية السيدة الفاضلة "سوزان مبارك" فاننى لأظن ان الفرصة قد سنحت لتلك القضية لترى النور و لأن تحظى برعاية الرأى العام.

• أما ما لفت نظرى مؤخرا فكان خبرا نشر فى الصحف عن غضب في فرنسا لأن أبوظبي تقوم ببناء نسخة من اللوفر (أشهر متاحف العالم)الذى يعتبره الفرنسيون جزءا من ميراث فرنسا الثقافي. وعلى الرغم من ان قيمة الصفقة بلغت ما بين 750 مليون يورو ومليار يورو (صوت الامة ص 14 بتاريخ 19\2\2007) ، وبالرغم من الضغط الذى مارسته وزارة الثقافة علي اللوفر من اجل الموافقة الا ان الاتهامات انهالت على الحكومة الفرنسية بلا هوادة، حيث اتهمها المعارضون بأنها تضحي بالمعايير الثقافية من اجل الربح المادي. ومن هنا فإننى أرى ان قضايا التراث هى قضايا تخص الشعوب .

• و حتى لا أطيل على سيادتكم دعونى أقوم بتلخيص قضية حقوق الملكية الفكرية للتراث المعماري التي ادعوا اليها في نقاط:
1. لقد وضعت حقوق الملكية الفكرية لتحمى الابتكار أو الابداع في كافة المجالات المختلفة أياً كانت كما تشمل أيضاً الغذاء والكساء.
2. وعليه فمن يتربح ماديا من الدعاية وتوظيف كل من بيئتنا وتراثنا الثقافى والتاريخي والمعماري فى القيام باستنساخه فإن لنا حقوق ملكية فكرية لابد أن تؤدي، ويجب أن نطالب بها. فالعائد المادى من استنساخ تلك الثقافة والميراث التاريخى يمكننا على الأقل ان نوجهه صوب تنمية هذا التراث والحفاظ عليه من خلال الكشف والحفاظ على الأثار وترميمها ، وهذا بدلا من انتظار منح وهبات موجهه ليس بوسعنا التحكم حتى في خططها.
3. أن الأمر يتعدي حقوق التراث المستنسخ ليشمل التراث المصري الاصلي المعروض بالمتاحف العالمية (مثل رأس نفرتيتي) والذي لن نتمكن من استرداده. وليكون لرأس نفرتيتى و غيرها من الآثار الفريدة استفادة من زوارها فالسبيل الوحيد هو ان تحصل مصر على نسبة من هذا العائد كحق من حقوق الملكية الفكرية
4. إن كل من اليونان و المكسيك وغيرها من الدول التى تمتلك ميراث حضاري قديم تقوم بتتبع ممتلكاتها بغية الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لتراثهم.
5. توجد بلا أدنى شك أبعاد سياسية واقتصادية وتثبيت وتزييف للمفاهيم في ذاكرة المجتمع العالمي ونحن على دراية بأن التراث الانساني والمعماري هو مدلول لأحداث تاريخية يتم الاستناد إليها في صرا عات قد تحدث بعد مئات السنين .
6. ومن الممكن ان يكون كل من "الأقصر-لاس فيجاس ، مقارنة بالأقصر- مصر" أو مشروع "ارض الفراعنة في دبي لاند" بداية للعمل والدراسة وكذلك للمطالبة بحقوق الملكية الفكرية التى أشير إليها. فعلى سبيل المثال مقارنة بسيطة بين الاقصرين ومدي نجاحات الأقصر المقلدة (و التى يزورها 46 مليون سائح سنويا) ومعاناة الأقصر الاصلى (فبوسعنا مراجعة كم يبلغ عدد السائحين بمصر، وليس الأقصر..) توضح لنا أهمية النظر فى حقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق بميراثنا الحضارى.
7. ان تلك المشروعات المستنسخة تثير تساؤلات تشمل الكثير من الأبعاد: منها (البعد الأخلاقي) فهل يمكن أن يتم توظيف التراث الحضاري المصري الفرعوني في اعمال منافية للأخلاق مثل لعب القمار تحت مظلة السياحة؟ و (البعد التسويقي) كافة منتجات وألعاب وحتى العملة المستخدمة من وحي التراث الفرعوني، فهل يتم تصنيعها والتجارة بها بالاستيراد من مصر ومع من وماذا يعود علي مصر منها، ام مصانع الصين هي الجهة المستفيدة؟ (البعد الخاص بحقوق الملكية الفكرية : فعند البحث عن كلمة الأقصر في شبكة الانترنت ستجد ان أغلب المواقع تتحدث عن الأقصر-لاس فيجاس وأنهم يضعون في موقع الاقصر حقوق الملكية الفكرية لهم وتم تغييب الآقصر مصر: ويرجع هذا إلى تقصيرنا فى وضع أي إشارة إلى لأقصر الأصل او التراث المصري بشكل عام و هنا أود ان أوجه سؤال هام: هل توجد موافقة قانونية لهذا الآمر من أي جهة بمصر؟؟
Luxor ، or Also try: Luxor hotel, Luxor las Vegas, Luxor casino, Luxor http://www.luxor.com
• كما أننا في محاولات جعل الاقصر مصر متحفا مفتوحا سوف يتم افتعال أعمال معمارية وتخطيطة للأقصر ولا اعلم الجسة الزمنية والاسانيد العلمية أو حتي الاثرية المعتمد عليها التصور، وتجويف المدينة من السكان الاصليين ومن التطور الطبيعي للبيئة الاصلية وتراكمات التاريخ المتورثة سيحولها إلي مسخ تفقد حينها قيمة الاصولية وتتساوي مع مشروعات الاستنساخ للبيئات المصرية والمنتشرة في انحاء العالم وعندها قد يطالبك الاخر بحقوق الملكية الفكرية أو عدم امانتك في الحفاظ علي التراث العالمي. وكمثال أنه تم هدم تراث قرية القرنة بالبلدوزر رغم وجود بدائل متعددة لاستثمار تلك البيئة المتميزة بما تحتويه من تراث مادي ولا مادي موثق وفريد.
• ولقد تبين فى مناقشات وندوات سابقة أن هناك مداخل للقضية يمكن السعي من خلالها :(حقوق الملكية الفكرية، الموروث الشعبي او الفلكلور، المؤشر الجغرافي، استعمال الاسم والتربح تجاريا، اتفاقية حماية التراث اللامادي، قوانين الآثار وقد يوجد غيرها).
• والموضوع جاد وخطير ويتطلب صناعة وإدارة ومجهود متواصل والأهم جهة اعتبارية وطنية أو عدة جهات قد تكون منها وزارة الاستثمار (توظيف واستثمار ثروات مصر) أحدي الجهات الفعالة، ووزارة الخارجية، وسفاراتها وكذلك وزارة الثقافة، ووزارة السياحة، ووزارة الاعلام والهيئات والمؤسسات الدولية والجمعيات الاهلية ومتخصصين في القانون الدولي والتراث المعماري والعمراني والاثار والدعاية والاعلام والتسويق فالأمر يحتاج إلى تضافر كافة الجهود.
• البدء في القضية : علينا ان نأخذ المبادرة وان نشحذ الهمم حتى لا تكون تحركاتنا من واقع رد الفعل والدفاع ونترك للأخر مساحات وازمنة ليرتع في تحقيق وتزييف وتثبيت مفاهيم واكتساب حقوق نتعامل معها بعد أن نكون قد فقدنا كل مبرراتنا ويكون الاخر قد تملك واحتكم في مجتمع دولي عالمي لا يحترم الضعيف والمستكين.
• فإذا كان لنا حق فقد ترعرعنا على مبدأ يؤكد ان لا حق يضيع طالما وراءه مطالب، وأن لم تكن النتيجة فورية فيكفي أن نجعل من الدفاع عن ميراثنا و حضارتنا قضية مفتوحة للأجيال القادمة لتعرف ولتتأكد من اننا حاولنا وسعينا ولم نتساهل وأننا قد تركنا الجذوة مشتعلة وحافظنا علي الحق. وأنه كان لنا "نظرة و تطلع الي المستقبل".
• الدراسات والبحوث بشأن القضية متوفرة يمكن أن اعرضها علي سيادتكم واسعي الا تستنفذ الطاقة في الداخل في جدل يتناول: من المسئول؟ ومن الملام؟ وعليه فقد كان سعيى في الأمر مع المسئولين والبحث العلمي والصحف القومية ولقد تعمدت البعد بكافة السبل عن الإثارة السلبية لأن المطالبة بالحق أمر يحتاج إلى عمل الجميع وإلى جهد متضافر وتكاليف باهظة ودراسات متعمقة وتحفيز دولي. و إننى لا أرى عواقب وخيمة قد تنتج عن إثارة تلك القضية علي كافة المستويات ففى حالة عدم الاستجابة وعدم تحقق عائد مادي مباشر، فيمكننا على الأقل أن نضع الضوابط والقيود لكل استغلال ربحي مستقبلي لتراثنا. وعلى الجانب الأخر فإن تغطية وسائل الإعلام العالمية لحقنا ومطالبتنا وسعينا الدءوب أملاً فى الوصول إليه سيكون محط أنظار العالم وسيوفر مساحات من الدعاية والتسويق للتراث والسياحة والاستثمار فى مصر وسيكون بلا شك فرصة لمقاومة الدعاية المضادة للأخر ممن يدعو إنهم بناة الاهرامات، هذا بالإضافة إلى العديد من الإيجابيات الأخرى والقضايا المشابهة التى يمكن الاعتداد بها عند البدء في العمل.
• وفى النهاية فاننى أتوجه إليكم بجزيل الشكر واعتذر علي الإطالة و لكن لولا أهمية الموضوع المشار إليه لما أطلت. .

ا.د. أحمد يحيي محمد جمال الدين راشد
رئيس قسم الهندسة المعمارية – جامعة المنصورة
ت: 2390524-012
6075135-02
ahmedyrashed@yahoo.com

No comments: