هل لاحظت أول كلمة ينطقها الطفل بعد: "دده..بو.."؟ أنا لاحظتها، ووجدت نفسي أرددها: "إيه ده؟"، دائما يرددها الطفل وهو مذهول ومندهش ينظر حوله للعالم بازدراء واستغراب في آن معا: "إيه ده؟".
و"إيه ده" هي أبلغ وأعمق وأكثر تعبيرا من: "إيه القرف ده؟"، لأن "إيه القرف ده؟"، تنم عن فهم من قبل المتحدث يصل إلى حد تعريفه لما يحصل حوله بأنه: "قرف"، أما "إيه ده؟" – ولابد أن يحمل وجهك نفس التعبير الطفولي المذهول – فتدل على أنك لا تفهم، ولا تستطيع أن تعرف كنه ما يحدث حولك، بل لا تعلم مصدره بالأساس.
بالطبع صاحبتني "إيه ده؟"، وأنا أشاهد الحرب الجنونية التي تدور رحاها بين الفلسطينيين. لست مندهشة من موقف السلطة الفلسطينية الممثلة في محمود عباس وتابعه محمد دحلان وشركاهما، فهو موقف حكومي عربي مسلم به: الحكومات العربية غير حريصة على الوطن، ولا صالح المواطنين، ولا أرواحهم، وكل ما تحرص عليه هو الكرسي ثم الكرسي ثم الكرسي وفقط، وهذه نكته قديمة، فقدت حرارتها وغرابتها بل إنها لم تعد تغضبنا. ونحن لا نجرؤ أن نطالب أي حكومة عربية، بأن تحرص على الصالح الوطني، ومن العبث أن نسألها: "ألا تأبهين لجر الوطن إلى حرب أهلية؟" لأن الإجابة ستأتي قطعا: "باطبع لا آبه؟ فيه حاجة انتوا؟". أما حماس، فنحن لا نظن أنها حكومة عربية بالمعنى المتعارف عليه، وإلا لما انتخبها المواطن الفلسطيني، ولما وضع ثقته بها. ومن واقع "العشم" فنحن نظن في حماس أنها "إم الصبي" كما قال ميشيل عون عن معارضته اللبنانية التي أنقذت البلاد من احتراب داخلي معقبا: "قطعنا الإضراب لأنو نحنا إم الصبي مظبوط..".
"إم الصبي" التي قال لها سليمان، سأقطع ولدك نصفين، فتأخذين أنت نصف، وتأخذ الأخرى، التي تتنازع معك عليه، نصف آخر، فقالت له: "بل تأخذه هي..."، فعلم أنها "إم الصبي". أو تكون حماس كأحد ابني آدم الذي قال: "لأن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك". هذا ما نتوقعه، ونطالب حماس به، وهي ملزمة أمامنا جميعا بذلك، ولا أحد يقول "أهل مكة أدرى بشعابها...لا تزايدوا على الفلسطينيين...."، لا، نحن، أي الشعوب العربية، هنا أهل مكة والمدينة أيضا، ونزايد ونزيد ونعيد، فحين حاصر العالم "حماسا"، بما في ذلك الحكومات العربية بالتعاون مع أبي مازن، اقتطع فقراء العالم العربي من أقوات أبنائهم ليساندوا حماس، وسمعنا من أفقر فقراء المصريين كلمة: "ولا يهمهم احنا معاهم". وسواء وصل المال أم لم يصل بعضه أو الجزء الأكبر منه، فنحن يا أخواني، يا أحبابي، يا أهلي، لم نأخذ اللقمة من فم الصغار ونعطيها لكم لتشتروا به سلاحا تقتلون به أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من دياركم، وتخربون بيوتكم بأيديكم، وتنتزعوا الضحكات الشيطانية المكتومة من أفواه الصهاينة والأمريكيين.
السلاح الذي دخل للجهة الأخرى، كان بمال أمريكي، فهو من حرام وإلى حرام، أما المال الذي وصلكم، فيعلم الله أنه من كد وعرق المساكين، وحاشا لله أن ينفق في حرام. وإذا صممتم على قتل أنفسكم فليكن بمال غير هذا المال.
حين مارست المعارضة اللبنانية حقها في الاعتصام والإضراب السلمي، شهرت الحكومة اللبنانية سيف الحرب الأهلية غير آسفة على أرواح مواطنيها، فرفعت المعارضة اللبنانية يدها وهرعت، في شجاعة، مخبئة "الصبي" في منازل الفقراء مقررة أنها "لن تنجر إلى حرب أهلية، ولن تكف عن المطالبة بحقها".
حكمة بالغة فما تغن النذر.
و"إيه ده" هي أبلغ وأعمق وأكثر تعبيرا من: "إيه القرف ده؟"، لأن "إيه القرف ده؟"، تنم عن فهم من قبل المتحدث يصل إلى حد تعريفه لما يحصل حوله بأنه: "قرف"، أما "إيه ده؟" – ولابد أن يحمل وجهك نفس التعبير الطفولي المذهول – فتدل على أنك لا تفهم، ولا تستطيع أن تعرف كنه ما يحدث حولك، بل لا تعلم مصدره بالأساس.
بالطبع صاحبتني "إيه ده؟"، وأنا أشاهد الحرب الجنونية التي تدور رحاها بين الفلسطينيين. لست مندهشة من موقف السلطة الفلسطينية الممثلة في محمود عباس وتابعه محمد دحلان وشركاهما، فهو موقف حكومي عربي مسلم به: الحكومات العربية غير حريصة على الوطن، ولا صالح المواطنين، ولا أرواحهم، وكل ما تحرص عليه هو الكرسي ثم الكرسي ثم الكرسي وفقط، وهذه نكته قديمة، فقدت حرارتها وغرابتها بل إنها لم تعد تغضبنا. ونحن لا نجرؤ أن نطالب أي حكومة عربية، بأن تحرص على الصالح الوطني، ومن العبث أن نسألها: "ألا تأبهين لجر الوطن إلى حرب أهلية؟" لأن الإجابة ستأتي قطعا: "باطبع لا آبه؟ فيه حاجة انتوا؟". أما حماس، فنحن لا نظن أنها حكومة عربية بالمعنى المتعارف عليه، وإلا لما انتخبها المواطن الفلسطيني، ولما وضع ثقته بها. ومن واقع "العشم" فنحن نظن في حماس أنها "إم الصبي" كما قال ميشيل عون عن معارضته اللبنانية التي أنقذت البلاد من احتراب داخلي معقبا: "قطعنا الإضراب لأنو نحنا إم الصبي مظبوط..".
"إم الصبي" التي قال لها سليمان، سأقطع ولدك نصفين، فتأخذين أنت نصف، وتأخذ الأخرى، التي تتنازع معك عليه، نصف آخر، فقالت له: "بل تأخذه هي..."، فعلم أنها "إم الصبي". أو تكون حماس كأحد ابني آدم الذي قال: "لأن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك". هذا ما نتوقعه، ونطالب حماس به، وهي ملزمة أمامنا جميعا بذلك، ولا أحد يقول "أهل مكة أدرى بشعابها...لا تزايدوا على الفلسطينيين...."، لا، نحن، أي الشعوب العربية، هنا أهل مكة والمدينة أيضا، ونزايد ونزيد ونعيد، فحين حاصر العالم "حماسا"، بما في ذلك الحكومات العربية بالتعاون مع أبي مازن، اقتطع فقراء العالم العربي من أقوات أبنائهم ليساندوا حماس، وسمعنا من أفقر فقراء المصريين كلمة: "ولا يهمهم احنا معاهم". وسواء وصل المال أم لم يصل بعضه أو الجزء الأكبر منه، فنحن يا أخواني، يا أحبابي، يا أهلي، لم نأخذ اللقمة من فم الصغار ونعطيها لكم لتشتروا به سلاحا تقتلون به أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من دياركم، وتخربون بيوتكم بأيديكم، وتنتزعوا الضحكات الشيطانية المكتومة من أفواه الصهاينة والأمريكيين.
السلاح الذي دخل للجهة الأخرى، كان بمال أمريكي، فهو من حرام وإلى حرام، أما المال الذي وصلكم، فيعلم الله أنه من كد وعرق المساكين، وحاشا لله أن ينفق في حرام. وإذا صممتم على قتل أنفسكم فليكن بمال غير هذا المال.
حين مارست المعارضة اللبنانية حقها في الاعتصام والإضراب السلمي، شهرت الحكومة اللبنانية سيف الحرب الأهلية غير آسفة على أرواح مواطنيها، فرفعت المعارضة اللبنانية يدها وهرعت، في شجاعة، مخبئة "الصبي" في منازل الفقراء مقررة أنها "لن تنجر إلى حرب أهلية، ولن تكف عن المطالبة بحقها".
حكمة بالغة فما تغن النذر.
No comments:
Post a Comment