Friday 11 May 2007

مفاهيم الجمال بين الماضي والعولمة

لكل حضارة مفاهيمها الجمالية النابعة من قيمها الاجتماعية والأخلاقية والعقائدية أيضا. فالحضارة الفرعونية، وبسبب تقديسها للحيوانات الذي وصل إلى حد العبادة، رأت في التشابه ما بين الإنسان والحيوان الجميل، كالقط الفرعوني، قمة الجمال، وإذا وضعت صورة "نفرتيتي" – رمز الجمال المصري القديم – إلى جانب صورة القط الفرعوني الأسود، ستجد تشابها كبيرا. وعمد المصريون القدماء إلى استخدام مساحيق التجميل بشكل يقرب الشبه بينهم، أو بالأحرى بينهن، وبين القط الفرعوني، كما كان الرجال المصريين يتشبهون بالأسد.

أما الحضارة الفارسية، ونظرا لاعتزازها الشديد بفارسيتها، فعرّفت الجمال بأنه هو الملامح الفارسية الأصيلة، مثل انعقاد الحاجبين، وكانت الحضارتين اليونانية والرومانية تعليان من شأن الثراء والبذخ، فجاءت أفروديت أو فينوس بدينة و"ملظلظة" كناية عن ثرائها الذي يجعلها تأكل وتستقئ لتأكل مرة أخرى كما كان يفعل الرومان في السابق.
ومع إعلاء المبادئ الروحانية في الحضارة المسيحية جاءت القيم الجمالية أقرب إلى الملامح الرقيقة، حيث أن الإنسان يعتقد أن رقة الملامح من شيم الملائكة. ثم حدثت ثورة في المفاهيم الجمالية مع سطوع نجم الحضارة الإسلامية التي تأسست القيم الجمالية فيها على مبدأ: "وصوركم فأحسن صوركم". وعليه، فكل إنسان جميل، لمجرد أنه إنسان. والإنسان له الأولوية في فلسفة الحضارة الإسلامية، فهو المكرم، وهو الخليفة، وهو الجميل الذي سن له الرسول صلى الله عليه وسلم النظر في المرآة وترديد: "الحمد لله الذي سوى خلقي فعدله وكرم صورة وجهي فحسنها وجعلني من المسلمين...اللهم كما حسّنت خَلقي فحسّن خُلقي". ولم تكتف هذه الثورة بأن جعلت الجمال أكثر ديمقراطية، وإنما جعلته أكثر شعبية.
فالحضارات السابقة كانت تلخص الجمال في المرأة وتجعله حكرا عليها، وربما سجنا لها، والرجل لا يطلب منه أن يكون جميلا، وإنما يجب عليه أن يكون قويا، ولكن بعد ازدهار الفلسفة الإسلامية، أصبح الجمال حق للجميع، وجعلته أمرا هينا وسهلا، فكل ما يطلب منك لتكون جميلا، هو أن تكون إنسانا، ويكون ثوبك حسنا، ونعلك حسنا، وأن تتعهد نفسك بالنظافة والاغتسال والتسوك والحناء وتقليم الأظافر والاكتحال وتصفيف الشعر (مع عدم الاضطرار لتنعيمه أو تجعيده) والتطيب وإزالة الروائح غير المحمودة بحلق شعر الإبط والعانة، إلى جانب الالتزام بالتغذية المتوازنة ولا تملأ وعاء بطنك لتضمن تمام الصحة والعافية....وخلاص.
ولم تلجأ الحضارة الإسلامية إلى تغيير لون البشرة بالرغم من أن قدماء المصريين كانوا قد وفروا للبشرية مساحيق تجميل متطورة تغير لون البشرة، كما وفرت الشعر المستعار الذي يختلف في نوعه، من حيث الكثافة والنعومة، عن الشعر الأصلي للمصريين القدماء. بل إن الحضارة الإسلامية كانت تزدري فكرة "تغيير خلق الله" بالتفلج أو وصل الشعر أو التنميص والوشم الذي يعرف الآن بـ"التاتو"، إذ تقوم المرأة بإزالة حاجبها تماما ورسم حاجبا آخرا بالوشم. وينبع هذا الازدارء من إعلاء قيمة الإنسان، فالإنسان جميل، وعليه أن يقتنع بأنه جميل، بل وجميل جدا، والشهادة جاءته من رب العالمين بأنه خلق على أحسن ما يكون، وعلم النفس الحديث يقرر بأن اقتناع الإنسان بأنه جميل سيجعل الآخرين يقتنعون بذلك، ولو جرب أي شخص النظر في المرآة كل يوم والترديد بإيمان: "وصور صورة وجهي فحسنها" لمدة عام مثلا، سيجد أنه اقتنع بالفعل، وأقنع الآخرين، بأنه جميل
.
.........يتبع

6 comments:

Anonymous said...

والله عجبنى جدا الموضوع ولا أعرف ماذا دفعك الى البعد عن التهييس والخوض فى بحار الفلسفة كنت متابعا لكى من بعيد لبعيد وقارئ منتظم لمدونتك الجميلة وكنت واثقا من رجاحة عقلك حتى وانت فى اشد حالات التهييس مهيسة ومع ذلك فإن فى بلدنا المحروسة وبلا مجاملة يجب ان نعى جميعا ان - التهييس هو الحل -
و مرة أخرى نعود الى فلسفة الجمال فنقول ان الانسان هو المخلوق الوحيد الذى صوره الله سبحانه وتعالى فأحسن صورته أما ماعدا ذلك فلحكمة قد تكون ان يزداد جمالنا جمالا فكل الاشياء الاخرى جمالها ناقص والامثلة على ذلك كثيرة و سأسوقها على صورة مسابقة للجميع
مثلا
جمال جميل الا حته
الحاج ابو جمال الا حته
مجلس الشعب الاحته
وزارة نظيف الاحته ؟
الانتخابات الا حته ؟
التعديل الدستورى الا حته ؟
وايضا الحمار الا حته
والقرد طبعا الا حته

ودلوقتى
ايه هى الحته الناقصة ؟

Anonymous said...


في انتظار الجزء الثاني بكل شوق،،،

لكن ما السر في أن الحضارة الإسلامية تجاهلت جمال المرأة واهتمت بجمال الرجل؟

محور الجمال يتجاور الشكل إلى أبعاد يلخصها قول الرسول علية الصلاة والسلام: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
فانتظام السلوك العام يتكامل مع انتظام الشكل في منظومة الجمال.

هذا الجزء مجرد مقدمة لموضوع مهم فكلمة العولمة في العنوان تجعلني أكثر شغفا لمعرفة ما في الجراب يا نوارتنا.

تحياتي واسمحي لي بنقلها إلى موقعي.

عزت هلال


Anonymous said...

مجهول

اللي ناقص...امممممممم

العقل طبعا

هههههههههه

الاستاذ عزت هلال

والله العظيم المدونة بتنور لما بتدخلها

بس هو الاسلام ركز على جمال الرجل بس؟

انا شايفة انه ركز على جمال الانسان بشكل عام

يافندم انا اتشرف ان حضرتك تنشرها عندك

Anonymous said...

اظن ان ايمان الانسان بصدق بأي شيء ممكن ينعكس علي الناس اللي حواليه و يخليهم يؤمنوا بنفس الشيء....بس اظن ان في ظل العولمه و الانفتاح الرهيب اللي احنا فيه اصبح مفهوم الجمال مشوه و اصبحت ليه قواعد مالهاش معني زي ان العيون الملونه ، الشعر الناعم ، الطول و حاجات تانيه كتير اصبحت هي المقياس.... مع ان لو واحده شافت انسانه ربنا حرمها من جزء من جسدها او عندها تشوه هتحمد ربنا علي اللع عندها حتي لو شعرها عامل زي راس العبد....الحمد علي كل شيء ده فرض علي المؤمن وفعلا سبحان الله انا ياما قابلت ناس ما كانوش قمر 14 لكن جمال روحهم كان طالع من جواهم زي النور الساطع اللي غطا علي كل الملامح الماديه و خلاهم فعلا في اجمل صورة في عيون الناس
بس انت علي فكره شاكلك مخاويه... انا لسه كنت والله بافكر في نفس الموضوع ده النهارده :)

Anonymous said...

الجمال تكامل بين جمال الوجه وجمال الروح .. الأولى لا دخل لنا بها فكلنا خلقنا على حالنا هذا ومفيش حد أختار شكله اكيد ، لكن الثانيه لى فيها وجهة نظر وهى ان فى استطاعة اى انسان ان يغير ويعدل فى جمال روحه التى تعكسها شخصية كل فرد منا .

Anonymous said...

إيه الجمال ده؟
أغيب أغيب والاقي كدة؟
لا رائع :) رائع فعلا بكل المقاييس :)