لم نضرب عن الطعام ولم نعتصم أمام مبنى مجلس الشعب إلا طلبا لوحدة وطنية تضمن إنقاذ مصر من عودة النظام البائد وانتقامه، وقد كانت القوى السياسية الممثلة في مجلس الشعب، ومرشحو الرئاسة المحسوبون على الثورة، توافقوا على ضرورة عزل الفريق أحمد شفيق واختلفوا على ما عدا ذلك. فاعتصمنا أمام مبنى مجلس الشعب وأضربنا عن الطعام نطالبهم بالوفاء بما التزموا به ووقعوا عليه، وهو أن يعملوا معا على عزله بأن يعتصموا في قاعة مجلس الشعب. إن اعتصاما كهذا يرسل رسالة جلية إلى حكام البلاد مفادها أن قوى الثورة، وممثلي الشعب من ذوي الشرعية الانتخابية، لن يقبلوا بأحمد شفيق رئيسا لمصر، وأن بقاءه في سباق الرئاسة ثم تزوير الانتخابات لصالحه لن يمر مرور الكرام. وإن اعتصاما كهذا لو تم لأسهم في عزل الفريق شفيق فإن لم يعل، فإنه يشكل رادعا عن تزوير الانتخابات لصالحه، فإن لم يردع التزوير وأجبر المصريون زورا وبهتانا على رئاسة الفريق شفيق فإن هذا الاعتصام كان يشكل نواة لجبهة ثورية تحمي الشعب المحتج على التزوير، ويحميه الشعب الثائر في الميادين.
لم يكن هذا الاعتصام لو تم ليعرقل خطة أيا من القوى السياسية الممثلة في مجلس الشعب أو مرشحي الرئاسة إلا إذا كانوا يبطنون غير ما يظهرون فالظاهر من أمر من يريدون خوض المرحلة الثانية من الانتخابات أنهم يكرهون تزويرها وقد صرحوا أكثر من مرة أنهم لن يقبلوا به فهذا الاعتصام وسيلة لردع التزوير، وإجراء احتياطي يضمن أن يذهبوا إلى المواجهة متحدين، مع كافة القوى الثورية ولا يذهبوا إليها منفردين أما إذا اعتقد البعض منهم أن الانتخابات ستجري بلا تزوير فإن الاعتصام لن يضر بها ولن يمنع إجراءها. والظاهر من أمر من يريدون مقاطعة المرحلة الثانية من الانتخابات أنهم يريدون قيادة موحدة للقوى الوطنية وهذا الاعتصام هو باب الوحدة. أما مرشحو الرئاسة عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي ومحمد مرسي فقد وقعوا ورقة التزموا فيها بالعمل على الحشد الجماهيري لعزل أحمد شفيق ولم يصنعوا شيئا يمكن أن يؤدي عمليا إلى هذا العزل حتى الآن.
لذلك فإننا لم نفهم موقف السيد رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني من عدم الاستجابة لمطلبنا الذي أضربنا من أجله ثمانية أيام ورفض مناقشته وقد حدد سيادة النائب كمال أبو عيطة مشكورا موعدا بين الدكتور الكتاتني والمضربين لكن السيد رئيس المجلس غادر قبل اللقاء ودون أن يعتذر.
إن الإضراب وسيلة ضغط على من تهمه حياة المضربين وصحتهم، لذلك أضربنا عن الطعام متوجهين بذلك إلى نواب انتخبناهم وظننا أنهم يهتمون بأمرنا، فإن خذلونا اليوم فطالما خذلونا من قبل، وما علينا لوم في موقف أقدمنا فيه على التضحية لنحميهم فأحجموا هم فيه عن حماية أنفسهم وكرامتهم وقوانينهم وبلادهم. وإنا لا نجد تفسيرا لإحجامهم هذا إلا أن يكونوا قابلين باطنا بالتزوير الذي يرفضونه في العلن، وأن يكونوا متصالحين مع إمكانية عودة النظام القديم رغم زعمهم العكس أمام الناس.
ويجدر هنا أن ننوه أن بعض النواب تجاوبوا معنا وأيدوا مطلبنا بشكل مباشر أو غير مباشر ونحن نشكرهم ونقدرهم كثيرا كالنائب كمال أبو عيطة والذي بات على الرصيف مع المعتصمين ليلتين كاملتين بعد أن خرج السيد رئيس المجلس مخلفا موعده معه. كما زار كلا من النائب محمد منيب والنائب محمود عبد الرسول والنائب زياد العليمي والنائب إبراهيم عبد الوهاب الاعتصام. وتواصل مع المعتصمين كلا من النائب عصام سلطان والنائب محمد البلتاجي.
إننا إذ نعلق إضرابنا عن الطعام نحمل كل من رفض الوحدة والاعتصام تحت قبة البرلمان مسئولية ما قد يجري غدا إذا زورت الانتخابات وعاد النظام القديم ووجد الناس أنفسهم بلا قيادة موحدة وذهبوا إلى المواجهة مفترقين، أو كانوا مفترقين إلى حد لا يسمح لهم بالمواجهة، ورغم قلة العدد إلا أن التاريخ سيسجل أن جماعة من الشباب جوعوا أنفسهم وافترشوا الرصيف محاولين أن يجعلوا من هؤلاء السياسيين قادة فلم يستطيعوا، وإذا عاد النظام القديم لا سمح الله فسيسجل المؤرخون أن ثورة قام بها عامة الناس أضاعها من كان المفترض فيهم أن يقودوها بسبب خوفهم وترددهم إذا حسن الظن، وبسبب تواطؤهم وصفقاتهم إذا ساء الظن.
نعلق إضرابنا عن الطعام ونحول اعتصامنا من أمام مجلس الشعب الذي أوصدت أبوابه أمامنا إلى وقفة سلمية أمام المحكمة الدستورية العليا لنبدي راينا في قضية عزل احمد شفيق صباح الخميس الرابع عشر من يونيو وإننا إذ نشدد على سلمية هذه الوقفة نؤكد أن حق التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي هو من منجزات هذه الثورة التي ماتزال في أيديها ونحن لا ننوي التنازل عن حقوق اكتسبها أخواننا بأرواحهم وعيونهم كما تنازل عنها غيرنا ممن استفادوا من دماء الشهداء ثم لم يحافظوا عليها.
ونحن إذ ننتظر قرار المحكمة الدستورية، فإننا نكرر دعوتنا لنواب مجلس الشعب بالاعتصام تحت قبة البرلمان في حال ما إذا حكم بعدم دستورية قانون العزل.
المضربون عن الطعام والمعتصمون أمام مجلس الشعب