تقيم جمعية صحبة الخير يوم الخميس 25/10 الساعة 9.00 مساء بمكتبة القاهرة الكبرى بشارع محمد مظهر بالزمالك قبل فندق سقير ندوة عن الفيلم التسجيلي "حلم اسطبل عنتر" اخراج أ/ يوسف هشام وانتاج شركة زاد للانتاج الاعلامي والحائز على جائزة أفضل فيلم تسجيلي مدته 15 دقيقة في المهرجان القومي للسينما لهذا العام وجائزة أفضل فيلم تسجيلي من مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي عام 2007 .
وسيحضر الندوة كل من المخرج الذي سيتحدث عن تجربته في عمل هذا الفيلم وأستاذ صلاح الحنفي من الشركة المنتجة للفيلم إيمانا منها بأهمية المشاركة في المشروع التنموي الذي يستهدف منطقة اسطبل عنتر.
موضوع الندوة: أوجه الشبه بين سكان العشوائيات و طبقة المنبوذين بالهند.
اتساع الهوة بينهم و بين باقي المجتمع
المنبوذون
"المنبوذون" اسم يطلقه أتباع الديانة الهندوسية على فئة اجتماعية في الهند، في اعتقاد منهم بأن الأرواح الشريرة التي اقترفت الآثام في حياتها الأولى تتناسخ في أجسادهم. نتج عن هذا الاعتقاد استمرار توارث هذه الفئة للفقر والتعاسة وسوء الأحوال، إلى جانب الاحتقار والازدراء من الفئات الأخرى التي تتجنبهم اتقاء للعنة التي يمثلونها.
المنبوذون في الهند لا يثورون على أوضاعهم المزرية، حيث أنهم، في اعتقادهم الهندوسي، يستحقون تلك المعاناة التي فرضتها عليهم "الآلهة"، ولا يتحرك صاحب فضل أو خير من فئات المجتمع الأخرى ليرفع عنهم معاناتهم أو يشفق عليهم، بل يعاملهم بقسوة تقربا إلى "الآلهة"! وهم يقبلون تلك القسوة خضوعا لأمر "الآلهة". بالرغم من ارتباط هذا الظلم الواقع على المنبوذين باعتقاد ديني راسخ – أثبتت الدراسات أن الهندوس ثاني أكثر أتباع الديانات تمسكا بعقيدتهم بعد المسلمين – إلا أن بعضا من قيادات العالم التاريخية، مثل بوذا، وغاندي قد آلمهم هذا الاعتقاد القاسي وغير المبرر أو المنطقي. فعمد بوذا إلى تأسيس ديانة تستوعب الفقراء والتعساء، ودفع غاندي دفعا إلى لمس المنبوذين واحتضانهم في استجابة إنسانية لآلامهم.
هل ترى الصورة مؤلمة؟ إذن فاعلم عزيزي القارئ أن في مجتمعاتنا أناس ينتمون إلى فئة المنبوذين، يعانون ما يعانيه أخوانهم في الهند، وليس لنا، في مجتمعاتنا، عذر العقيدة الدينية، التي تبرر هذا الوضع اللا إنساني. في مصر التي ليس فيها هندوسيا واحدا، والتي يدين أهلها بديانات سماوية تساوي بين الناس كأسنان المشط، وتعلم أتباعها أن غضب الرب الذي لا ينزل إلا للظلم، لا يرفعه سوى العدل والمساواة بين الناس، في هذه البلاد وبين هؤلاء الناس "المؤمنين"، يعيش مئات الآلاف، بل الملايين، حياة لا ترقى إلى مستوى حياة الحيوانات الضالة، فربما يحظى كلاب الشوارع وقططها بعطف لا يحظى به هؤلاء التعساء، الذين يتجرعون الانسحاق والفقر مع الازدراء ويتجنبهم جل طوائف المجتمع فزعا من "قذارتهم" و"أمراضهم" و"إجرامهم" وكل التبعات المنطقية والطبيعية لأحوالهم التي سيسألنا الله عنها يوم القيامة. وكما يظن المنبوذون في الهن! د أنهم مستحقون لهذه الحياة، فإن ميراث التعاسة التي يعيش فيه سكان مزابل المحروسة، سحق أي شعور بالإنسانية لدى هؤلاء الفقراء، فهم يظنون أن تلك هي الدنيا، وأن معاناتهم أمر طبيعي لا يجب عليهم تغييره، ويرضون بالفتات الذي يقذف في وجوههم في المواسم الدينية.
لا نعرف من أين برزت تلك الثقافة في مصر، تلك التي تلقي باللائمة على آدميين، يولدون في المزابل ويكبرون بين العقارب والثعابين ويعيشون محتضنين مخلفاتهم الآدمية، ثقافة يروجها بعض أبناء الطبقة المتوسطة العليا والتي تتخلص في أن هؤلاء البؤساء الذين سلبوا إنسانيتهم هم المسئولون عما هم فيه، وأنهم يستحقون معاناتهم لأنهم "يفضلون الجريمة على العمل الشريف، ويستمرءون التسول بدلا من الكد، وهم أقذار لصوص، لا يليق بإنسان أن يدخلهم بيته، أو يستخدمهم في عمل يقربهم منه". يا سبحان الله! أقذار لا يصلحون للعمل، ثم حقراء لا يحبون العمل!
وكأن أصحاب هذا المنطق قد خبروا معنى أن يسلب الإنسان إنساينته، ووفقا لخبرتهم يدينون وينبذون هؤلاء التعساء.
يعلم جميعنا أن الصدقة "تطفئ غضب الرب" هذا في حال ما إذا كانت صدقة مشبعة، ترفع الشخص المسلوبة آدميته إلى مصاف الآدميين مرة أخرى، أما صدقة الفتات الموسمية التي تطفئ نزغ الضمير وتهدئ الليل المسهد وتجفف دموع الأغنياء الرقيقة، فلا نظن، والله أعلم، إلا أنها تشعل غضب الرب أكثر وأكثر.
ليس في استمرار أحوال هؤلاء "المنبوذين" على ما هي عليه، مع إلقاء بعض الفتات الموسمي لهم: (المقترن بالمواسم والأعياد) أي رحمة أو إنسانية أو صدق. فإما أن نعمل جميعنا جاهدين لنعيد لهؤلاء الناس إنسانيتهم، وننتشلهم من قاع اللا آدمية، ليتنبهوا هم أولا أنهم إنسان، ولنعلم نحن ثانيا أنهم إنسان مثلنا تماما، وليحيوا حياة إنسانية، أو نتركهم جوعى تماما حتى يدفعهم الجوع الحارق إلى اغتصاب حقوقهم من مجتمع نزعهم أبسط حقوق الكائنات الحية، وعزلهم في ثكنات "مزبلية" وسيجهم باحتقاره، ثم ينعم عليهم من آن لآخر ببقايا طعامه، وملابسه القديمة التي يأنف أن يرتديها لأنها لم تعد تساير الموضه.
إما أن تعاملونهم بندية وتشرعون في علاجهم، أو تتركونهم لغريزة حب البقاء التي ستدفعون ثمنها غاليا.
وسيحضر الندوة كل من المخرج الذي سيتحدث عن تجربته في عمل هذا الفيلم وأستاذ صلاح الحنفي من الشركة المنتجة للفيلم إيمانا منها بأهمية المشاركة في المشروع التنموي الذي يستهدف منطقة اسطبل عنتر.
موضوع الندوة: أوجه الشبه بين سكان العشوائيات و طبقة المنبوذين بالهند.
اتساع الهوة بينهم و بين باقي المجتمع
المنبوذون
"المنبوذون" اسم يطلقه أتباع الديانة الهندوسية على فئة اجتماعية في الهند، في اعتقاد منهم بأن الأرواح الشريرة التي اقترفت الآثام في حياتها الأولى تتناسخ في أجسادهم. نتج عن هذا الاعتقاد استمرار توارث هذه الفئة للفقر والتعاسة وسوء الأحوال، إلى جانب الاحتقار والازدراء من الفئات الأخرى التي تتجنبهم اتقاء للعنة التي يمثلونها.
المنبوذون في الهند لا يثورون على أوضاعهم المزرية، حيث أنهم، في اعتقادهم الهندوسي، يستحقون تلك المعاناة التي فرضتها عليهم "الآلهة"، ولا يتحرك صاحب فضل أو خير من فئات المجتمع الأخرى ليرفع عنهم معاناتهم أو يشفق عليهم، بل يعاملهم بقسوة تقربا إلى "الآلهة"! وهم يقبلون تلك القسوة خضوعا لأمر "الآلهة". بالرغم من ارتباط هذا الظلم الواقع على المنبوذين باعتقاد ديني راسخ – أثبتت الدراسات أن الهندوس ثاني أكثر أتباع الديانات تمسكا بعقيدتهم بعد المسلمين – إلا أن بعضا من قيادات العالم التاريخية، مثل بوذا، وغاندي قد آلمهم هذا الاعتقاد القاسي وغير المبرر أو المنطقي. فعمد بوذا إلى تأسيس ديانة تستوعب الفقراء والتعساء، ودفع غاندي دفعا إلى لمس المنبوذين واحتضانهم في استجابة إنسانية لآلامهم.
هل ترى الصورة مؤلمة؟ إذن فاعلم عزيزي القارئ أن في مجتمعاتنا أناس ينتمون إلى فئة المنبوذين، يعانون ما يعانيه أخوانهم في الهند، وليس لنا، في مجتمعاتنا، عذر العقيدة الدينية، التي تبرر هذا الوضع اللا إنساني. في مصر التي ليس فيها هندوسيا واحدا، والتي يدين أهلها بديانات سماوية تساوي بين الناس كأسنان المشط، وتعلم أتباعها أن غضب الرب الذي لا ينزل إلا للظلم، لا يرفعه سوى العدل والمساواة بين الناس، في هذه البلاد وبين هؤلاء الناس "المؤمنين"، يعيش مئات الآلاف، بل الملايين، حياة لا ترقى إلى مستوى حياة الحيوانات الضالة، فربما يحظى كلاب الشوارع وقططها بعطف لا يحظى به هؤلاء التعساء، الذين يتجرعون الانسحاق والفقر مع الازدراء ويتجنبهم جل طوائف المجتمع فزعا من "قذارتهم" و"أمراضهم" و"إجرامهم" وكل التبعات المنطقية والطبيعية لأحوالهم التي سيسألنا الله عنها يوم القيامة. وكما يظن المنبوذون في الهن! د أنهم مستحقون لهذه الحياة، فإن ميراث التعاسة التي يعيش فيه سكان مزابل المحروسة، سحق أي شعور بالإنسانية لدى هؤلاء الفقراء، فهم يظنون أن تلك هي الدنيا، وأن معاناتهم أمر طبيعي لا يجب عليهم تغييره، ويرضون بالفتات الذي يقذف في وجوههم في المواسم الدينية.
لا نعرف من أين برزت تلك الثقافة في مصر، تلك التي تلقي باللائمة على آدميين، يولدون في المزابل ويكبرون بين العقارب والثعابين ويعيشون محتضنين مخلفاتهم الآدمية، ثقافة يروجها بعض أبناء الطبقة المتوسطة العليا والتي تتخلص في أن هؤلاء البؤساء الذين سلبوا إنسانيتهم هم المسئولون عما هم فيه، وأنهم يستحقون معاناتهم لأنهم "يفضلون الجريمة على العمل الشريف، ويستمرءون التسول بدلا من الكد، وهم أقذار لصوص، لا يليق بإنسان أن يدخلهم بيته، أو يستخدمهم في عمل يقربهم منه". يا سبحان الله! أقذار لا يصلحون للعمل، ثم حقراء لا يحبون العمل!
وكأن أصحاب هذا المنطق قد خبروا معنى أن يسلب الإنسان إنساينته، ووفقا لخبرتهم يدينون وينبذون هؤلاء التعساء.
يعلم جميعنا أن الصدقة "تطفئ غضب الرب" هذا في حال ما إذا كانت صدقة مشبعة، ترفع الشخص المسلوبة آدميته إلى مصاف الآدميين مرة أخرى، أما صدقة الفتات الموسمية التي تطفئ نزغ الضمير وتهدئ الليل المسهد وتجفف دموع الأغنياء الرقيقة، فلا نظن، والله أعلم، إلا أنها تشعل غضب الرب أكثر وأكثر.
ليس في استمرار أحوال هؤلاء "المنبوذين" على ما هي عليه، مع إلقاء بعض الفتات الموسمي لهم: (المقترن بالمواسم والأعياد) أي رحمة أو إنسانية أو صدق. فإما أن نعمل جميعنا جاهدين لنعيد لهؤلاء الناس إنسانيتهم، وننتشلهم من قاع اللا آدمية، ليتنبهوا هم أولا أنهم إنسان، ولنعلم نحن ثانيا أنهم إنسان مثلنا تماما، وليحيوا حياة إنسانية، أو نتركهم جوعى تماما حتى يدفعهم الجوع الحارق إلى اغتصاب حقوقهم من مجتمع نزعهم أبسط حقوق الكائنات الحية، وعزلهم في ثكنات "مزبلية" وسيجهم باحتقاره، ثم ينعم عليهم من آن لآخر ببقايا طعامه، وملابسه القديمة التي يأنف أن يرتديها لأنها لم تعد تساير الموضه.
إما أن تعاملونهم بندية وتشرعون في علاجهم، أو تتركونهم لغريزة حب البقاء التي ستدفعون ثمنها غاليا.
No comments:
Post a Comment