Saturday, 9 August 2008

جلد اسود اقنعة بيضاء: الجزء السادس من الفصل السادس

يعني هي الصين احسن مننا، هي عملت تمانية تمانية الفين وتمانية الساعة تمانية وتمانية
واحنا في الجزء السادس من الفصل السادس:

من ساعة ما سارتر كتب مقاله الفاصل "ماهو الادب؟" والادب ابتدى يلتزم اكتر واكتر بدوره الاوحد المعاصر وهو اقناع المجموع بالتفكير والتأمل: الكتاب ده، كما آمل، هو محاولة لانشاء بنية تحتية لفهم الزنجي وهو الطريق الى انهاء اغترابه.

لما ما بيبقاش فيه الحد الادنى من الانسانية ما بيبقاش فيه ثقافة. مش مهم بالنسبة لي ان قبيلة البانتو شايفة ان المانتو رمز القوة- او على الاقل كان ممكن ح يبقى الموضوع ده مهم بالنسبة لي لولا تفاصيل معينة هي اللي اثنتني عن الاهتمام بالنقطة دي. ايه اهمية التركيز على وجود البانتو بعد ما نقرا الكلام ده:


لما قام 75000 عامل اسود من عمال المناجم بالاضراب سنة 1946، البوليس رجعهم للشغل

التاني باطلاق النار وتصويب الحراب عليهم، مات 25 والاف جرحوا.

في الوقت ده سامو كان رئيس الحكومة وكان مندوب في مؤتمر عن السلام. في الاراضي المملوكة للبيض كان السود عايشين زي عبيد الارض. واحيانا كانت بتبقى معاهم اسرهم، ومافيش واحد فيهم

كان مسموح له يسيب المزرعة من غير اذن سيده. لو عمل كده صاحب الارض

بيبلغ البوليس والبوليس بيجيبه بالقوة وبيجلدوه.

وفقا لقانون الادارة الوطنية، الحاكم العام، بوصفه السلطة العليا، لديه سلطة استبدادية

على الافارقة. ببيان يقدر يحتجز ويعتقل اي افريقي يعتقد انه بيهدد الامن العام. ويقدر

يمنع اجتماع اكتر من عشر اشخاص في اي مكان بيقيم فيه السكان الاصليين، وثيقة امر المثول امام المحكمة رفاهية محروم منها الافارقة. والاعتقال الجماعي بدون تصريح حاجة بتمارس بشكل

دوري

(هأ...هي الحكومة المصرية اخدت كورسات في جنوب افريقيا؟/جبهة)

المواطنين غير البيض في جنوب افريقيا وصلوا لطريق مسدود. كل مظاهر الاستعباد

الجديد مخلياهم ما عندهمش امكانية الهروب من العذاب ده. في حالة الافريقي، المجتمعات

البيضاء محقت عالمه القديم ولم تقدم له عالما جديدا. حطمت النظام القبلي اللي كان

موجود عنده وقفلت الطريق للمستقبل بعد ما محت الماضي.

الفصل العنصري يطمح الى لفظ الزنجي من المشاركة في صناعة التاريخ الحديث كقوة حرة

ومستقلة.


انا اسف على المقتطف الطويل ده، بس المقتطف ده بيسمح لي اني اطلع شوية اخطاء محتملة ارتكبها الانسان الاسود. اليون ديوب، على سبيل المثال، في مقدمته لكتاب "فلسفة قبيلة البانتو" بيشير الى ان البانتو ما يعرفوش حاجة عن التعاسة الميتافيزيقية لاوروبا. والاستنتاج اللي بيوصل له من المعلومة دي ممكن يبقى فيه شيء من الخطورة:


السؤال اللي بيطرح نفسه هو ما اذا كان العبقري من السود عليه تنمية ما يؤسس لفرديته،

تلك الروح الشابة، هذا الاحترام الفطري للانسان وللخلق، هذا الاستمتاع بالحياة، هذا السلام

الذي لم يشوهه الانسان بالتعقيم الاخلاقي ولكن التجانس مع عظمة الحياة...والواحد

بيسأل برضه ايه اللي ممكن الزنجي يقدمه للعالم الحديث..اللي نقدر نقوله هو

فكرة الثقافة برؤية الارادة الثورية هي مضادة لعبقريتنا بالظبط زي

فكرة التقدم. التقدم بيسكن ارواحنا بس لو عندنا الم من الحياة، وهو هدية الطبيعة.


كن حذرا، المسألة مش مسألة البحث عن الفكر في البانتو حين يكون وجود البانتو هو بديل اللا وجود وعدم الاتزان. حقيقي ان فلسفة البانتو مش ح تتفهم في سياق الثورة: لكنها بالضبط في الدرجة حيث مجتمع البانتو، بما انه مجتمع مغلق، لا يمتلك بدائل الاستغلالي في العلاقات الوجودية بين القوى. ولا شيء وجودي في الفصل العنصري، كفاية زبالة بقى.

(ده هو اللي بيقول والله، هو بيعترض على العنصرية المضادة/جبهة)

بقالنا فترة من الوقت فيه كلام كتير على الزنجي، يمكن كلام زيادة شوية، الزنجي عايز يتنسي شوية عشان يقدر يجمع قواه، قواه الاصلية.

مرة قال: “زنجيتي مش برج..”

وفيه ناس عايزة تعمله هيليني (اغريقي يعني/جبهة)، عايزة تعمله اورفيس...الزنجي اللي بيدور على العالمية. هو بيدور على العالمية بس في يونيو 1950، الفنادق الفرنسية رفضت تدي اود للحجاج الزنوج. ليه؟ لان عملاؤهم البيض الاغنيا قوي واللي ، زي ما كلنا عارفين، بيكرهوا الزنوج، هددوا بانهم ح يسيبوا الاوتيل.

الزنجي بينشد العالميةلكن على الشاشة جوهره الزنجي طبيعته الزنجية بتفضل بكر:


دايما عبد

دايما متزلف ومبتسم

اسرق انا لا..اكدب انا لا

ودايما باكل كويس قوي

الزنجي بيحاول يخلي نفسه عالمي، لكن في ليسيه سانت لوي، انطرد لانه كان من الصفاقة بدرجة خلته يقرا انجليزي.

فيه مأساة هنا، والمثقف الاسود بيخاطر بانه يقع فيها.

نعم؟ انا بالعافية عرفت افتح عينين كانت معمية تماما، وييجي واحد يكلمني تاني عن العالمية؟ طب والتانيين؟ الناس اللي مالهمش صوت..مالهمش حد يتكلم نيابة عنهم..أنا محتاج اني اغرق في زنجيتي، اشوف النيران، التفرقة العنصرية، القمع، الاغتصاب، التمييز، المقاطعة. احنا محتاجين نحط ايدنا على كل جرح تقيح في جسد الزنجي.

انا دلوقت ممكن اتخيل اليون ديوب وهو بيتساءل ايه المكان اللي العبقرية الزنجية ممكن تشغله في جوقة العالمية. انا مؤمن ان الثقافة الحقيقية لا يمكن تخرج في الظروف الحالية. ح يبقى عندنا وقت كتير بعد كده نتكلم عن العبقرية الزنجية بس لما الناس تاخد حقوقها الانسانية.

(اسم الله عليك...امال انا باحبه وخطبته من شوية؟/جبهة)

مرة تانية ارجع لسيزار؛ ياريت مثقفين سود كتير يرجعوا له. لازم اعيد على نفسي: “واكتر من اي حاجة، جسمي، وروحي، لا تسمحان لك انك تشبك ذراعيك زي اي مشاهد عقيم. لان ماحدش بيتفرج على الحياة، لان بحر الاحزان مش مسرح، لان الراجل اللي بيصرخ مش دب بيرقص..”.

استمرارا لتخزين الحقيقة، وسعيا لتأكيد للمثال الرمزي المتبلور، بالاقي نفسي على عتبة سيكولجية جونيان. الحضارة الاوروبية من خصائصها وجود النماذج النمطية فيها في قلب الوعي الجمعي زي ما جونجان بيقول: تعبير عن الغرائز الوحشة، عن الظلام الموجود في كل ذات، عن المتوحش غير المتحضر، الزنجي اللي بينام داخل كل ابيض. وجانج بيقول انه لقى في ناس مش متحضرة نفس البنية اللي النموذج بتاعه بيرسمها. انا شخصيا مقتنع ان جانج خدع نفسه، علاوة على ان كل الناس اللي هو عرفهم – سواء من الهنود الحمر اللي في الاريزونا او الزنوج في كينيا البريطانية – كان عندهم اتصال صادم بالبيض.

انا قلت قبل كده ان في شخصيته السالفينية، الانتيلي عمره ما بيحس انه اسود وانا حاولت اشرح الظاهرة دي وعلاقتها (هامش من المؤلف: الشخصية السالفينية مشتقة من شخصية سالفين اللي ابتكرها جورج داهمل وهو شخصية نموذج للشكل النمطي للمثقف: متوسط، هروبي، ودايما ضحية لاوهامه الخرافية/فانون..بالبلدي كده: محفلط مظفلط كتير الكلام عديم الممارسة عدو الزحام بكام كلمة فاضية وكام اصطلاح يفبرك حلول المشاكل قوام..كويس ان خطيبي بيكره المثقفين زيي/ جبهة)

جانج بيحاول يحدد الوعي الجمعي عن طريق الخصائص الوراثية للدماغ. بس الوعي الجمعي مالوش علاقة بالجينات، ده مجموع تعصبات، اساطير، سلوك جمعي لجماعة معينة. من المسلم بيه ان اليهودي اللي هاجر اسرائيل ح ينتج وعي جمعي، بس بعد مدة كبيرة، مختلف عن الوعي الجمعي اللي كان عنده قبل سنة 1945 في البلاد اللي هو اجبر على الهجرة منها.

على المستوى الفلسفي، ده ح يبقى المكان اللي ح تكبر فيه مشاكل الغريزة والعادات: الغريزة اللي الانسان بيتولد بيها (احنا عارفين اننا لازم نراقب الفطرة/فانون) مختلفة، ذات خصوصية؛ العادات اللي بتكتسب. بالمفهوم ده يبقى جانج خلط ما بين الغريزة والعادات. في وجهة نظره، الوعي الجمعي مرتبط بالتكوين الدماغي، الاساطير والنماذج النمطية هي مكونات اساسية في العرق. ارجو اني اكون بينت ان مافيش حاجة اسمها كده وان الوعي الجمعي ده منتج ثقافي بيتم اكتسابه. زي ما أحد سكان الجبل الشباب في كارباثيان، وتحت ظروف نفسية كيميائية لبلده، ممكن يصاب بالميكسيديما (قصور درقي بيسبب استسقاء وجفاف في الجلد والشعر وفقدان لحيوية الجسم والعقل/جبهة/ من مريام ويبستر) برضه زنجي زي رينيه ماران، اللي عاش في فرنسا واستنشق واكل التعصب العنصري اللي في اوروبا، ح يقدر، لو خرج من ذاته، يعبر عن كراهيته للزنجي. لازم نمشي بالراحة لانه ح يبقى فيه مأساة اننا نعري العملية واحدة واحدة ونشوفها بشكل كامل. الجملة دي مش مفهومة؟ في اوروبا، الرجل الاسود هو رمز الشر. تعالوا بقى نمشي بالراحة، عارف، الموضوع مش سهل. اللي بيعذب هو الرجل الاسود، ابليس هو الرجل الاسود، احنا بنتكلم عن ظلال، لما الواحد بيتوسخ بيبقى اسود – سواء وساخة حقيقية او وساخة معنوية. ح يبقى صادم لو حطيناهم الاتنين مع بعض عشان يبقى عندنا صورة مكتملة تصور الاسود انه رمز للخطيئة. في اوروبا، سواء حقيقي او بشكل رمزي، الرجل الاسود هو رمز الجانب الشرير في الانسان، لو الناس ما فهمتش الحقيقة دي يبقى ح نضيع وقتنا في اننا نلف في حلقة مفرغة واحنا بنتكلم عن مشكلة السود. السواد، الظلام، الظلال، الليل، تجويفات الارض، الاعماق السحيقة، تسويد سمعة واحد، على الجانب الاخر المنظر البراق للبراءة، حمامة السلام البيضاء، نور السماء السحري، طفل جميل اشقر – يا سلام جملة كلها سلام، وفرحة، واهم من ده كله: امل! ماحدش بيتكلم عن الطفل الجميل الاسود: مافيش حاجة كده اصلا. ونفس الحكاية، انا بقى مش ح ارجع لقصص الملائكة السود. في اوروبا وفي كل دولة متحضرة الزنجي رمز للخطيئة. النموذج النمطي للقيم المنحطة بيمثلها الزنجي. نفس القيم المتقابلة دي موجودة في كتاب دوسيي "احلام اليقظة". نقول ايه تاني عشان نبين ان كل القيم المنحطة والخطايا بيمثلها الملون الاسود؟ في كتاب دوسيي (اللي مافيهوش اي تورية خالص) الوضع هو اما الانحدار او الصعود. في حالة الهبوط بنشوف كهوف، اقبية فيها متوحشين بيرقصوا، في احد احلام اليقظة دوسيي بيحكي لنا اننا بنلاقي واحد من الجولز (الفرنسيين القدامى) في الكهف، بس الجولي وجوده في الكهف زي وجود دوسيي نفسه، زميله يعني، واحد من اهله، وجود الجولي في الكهف كأن دوسيي بياخد صورة مع العائلة: هو وجده. الواحد لازم يرجع طفل تاني عشان يفهم بعض الحقائق النفسية.


No comments:

Post a Comment

Note: only a member of this blog may post a comment.