Friday, 11 July 2008

جلد اسود اقنعة بيضاء: الجزء الثالث من الفصل السادس

عدناااااااااااااااااااااااااااا
المرة دي الجزء ده قصير
ح اعوضها لكوا ان شاء الله في المرة الجاية
اتفضلوا:

لو عايزين نفهم الموقف العنصري بشكل نفسي، مش من خلال وجهة النظر العالمية ولكن من خلال خبرات افراد، يبقى لازم ندي اهتمام كبير للجانب الجنسي. في حالة اليهودي، الناس بتفكر في الفلوس وما شابهها. في حالة الزنجي الناس بتفكر في الجنس. المعاداة للسامية ممكن تعقل على مستوى اساسي. لان اليهودي بيتحكم في البلد فهو خطر، واحد اعرفه قال لي انه بالرغم من انه مش معادي للسامية الا انه غصب عنه مضطر يعترف ان اليهود في اثناء الحرب اتصرفوا بشكل سيء جدا. وحاولت عبثا اني اقنعه ان اللي هو بيقوله ده ما هو الا حكم مسبق بيعبر عن رغبة في انه يوجد جوهر "اليهودي" في اي مكان يبقى موجود فيه.

على المستوى الطبي، افتكرت الست اللي كانت بتعاني من هذيان اللمس، بتفضل تغسل ايديها ودراعاتها في مرة تقابل فيها يهودي.

جان بول سارتر عمل دراسة متكاملة لمسألة اليهود؛ يبقى خلينا بقى احنا نعمل دراسة عن مين هم اللي بيعانوا من فوبيا الزنوج. احنا بنلاقي الفوبيا دي على المستوى الغريزي والبيولوجي. على مستوى متطرف، ممكن نقول ان الزنجي، بسبب جسمه، بيسجن نفسه داخل الصورة اللي رسمها له الرجل الابيض عشان يقدر يدخل عالمه. وهنا مش مجال اني اقول النتائج اللي وصلت لها من دراسة التأثير اللي بيتحمل على الجسم من خلال مظهر جسم حد تاني. (خلينا نفترض ان فيه خمس اصحاب في سن خمستاشر سنة، وكلهم رياضيين، وبينطوا قفزة عالية، واحد منهم عمل نطة اربعة اقدام وعشر بوصات، والخامس غلبه بنص بوصة، الاجسام الاربعة التانية ح يحصل لها زي تفكك) المهم دلوقت اننا نفهم ان بالزنجي الدورة البيولوجية بتبتدي. (هامش المؤلف: اذا استخدمنا نظرية لاكان "محلة المراية" ح يبقى من المفيد اننا ندرس لاي درجة صورة الزميل او الصديق بتتبني في الرجل الابيض الشاب في السن اللي بيبقى فيه معتاد انه يمر بتصور خيالي عدواني لصورة الزنجي. لما الواحد يفهم الالية اللي بيشرحها لاكان، ح نلاقي ان مافيش شك ان "الاخر" بالنسبة للابيض هو الاسود. والعكس صحيح. الا ان بالنسبة للرجل الابيض، الاسود بيمثل الصورة الجسدية، بيفكر فيه انه: ده كل حاجة مش فيا، ده اللي هو مش انا خالص ولا فيه اي حاجة زيي، اللي لا اتوحد معه، ولا اندمج معه. بالنسبة للاسود، زي ما قلنا قبل كده، الحقائق التاريخية والاقتصادية بتظهر في الصورة، لاكان بيقول: “معرفة الشخص لصورته في المرآة هي ظاهرة لها معنيين في تحليل المرحلة دي: الظاهرة بتبان بعد ستة اشهر ودراستها مع مرور الوقت بتبين بشكل مقنع جدا ان الميول اللي بتكون الواقع بالنسبة للشخص؛ الصورة في المرآة، بسبب عناصر الجذب اللي ذكرناها، بتدي رمز حقيقي للواقع: قيمته المؤثرة، وهو وهمي زي الصورة، وتكوين الواقع زي ما بتعكس التكوين الانساني.”

ح نعرف بعد الشوية ان القاعدة الاتية دايما صحيحة: في كل مرة الشخص بيشوف صورته وبيتعرف عليها، دايما بيكون بيدور على "الوحدانية الذهنية المتأصلة فيه". في المرض العقلي على سبيل المثال، لما بنفحص الهذيان والهلوسة، بنلاقي انه فيه احترام لصورة الذات، بقول اخر،فيه تجانس في تكوين الهلوسات دي، بتبقى عبارة عن تجميع للشخصية وللخبرات اللي بيمر بيها، في كل مرحلة من مراحل السلوك النفسي. وبعيدا عن حقيقة ان المحتوى العاطفي بيتصف عادة بالاخلاص، بس كمان لو اسأنا فهم الهلوسات ح يبقى تصرف غير علمي. اينما وجد ايمان نفسي ما، بيبقى فيه اعادة انتاج للذات. في مرحلة القلق والشكوك اللي بيوصفها دايد وجيرا بيبتدي الاخر يبقى له دور. وفي الاوقات دي مش غريبة لما نلاقي ان الاسود بياخد مكانه في الهلوسات، بس في مرحلة اعادة تنظيم الذات لما بيتم تطوير الايمان او القناعات ما بيبقاش في مكان للاغراب. في حالات اخرى متطرفة، ساعات صورة الزنجي بتختلط مع صور بعض حيوانات في هلوسات بعض الناس. ليرميت وصف تحرر صورة الجسد. وده اللي اسمه ازدواجية الهلوسات، ان الواحد يطلع برة جسمه ويشوفه. اللحظات اللي بيحصل فيها الهلوسات دي بيبقى فيه حالة اغتراب غير منتظمة. وبتحصل ساعات بين الناس الطبيعية (جوتة، تين...إلخ) بالنسبة للانتيل، الصورة الذاتية دايما بلا لون، في كل مرة كنت بافحص واحد من الانتيل وبسأله لما حصلت له الهلوسات دي شاف نفسه لونه ايه كان يجاوب: ما كانش ليا لون. كمان في هلوسات ما قبل النوم اللي سماها جورج دواميل (كاتب فرنساوي/جبهة) تخليص الذات برضه الانتيلي بيشوف نفسه بلا لون، مش الزنجي هو اللي بيتخلص وبيطلع للسماوات. اللي عايز يعرف معلومات اكتر عن الموضوع ده يقدر يقرا بالفرنسي الكتابات اللي بيكتبها الاطفال الانتيل من سن عشر سنين لسن اربعتاشر سنة. في موضوعات الانشاء اللي بيبقى عنوانها "احساسي قبل ما اروح الاجازة"، ح تلاقيهم بيتكلموا كأنهم باريسيين: “انا باحب الاجازة عشان باجري في الحقول وباشم الهواء النقي وبارجع البيت وخدودي حمرا" يعني واضح قوي ان الانتيلي مش واخد باله ابدا انه زنجي. انا كان عندي تلاتاشر سنة لما اول مرة شفت عسكري سنغالي، كل اللي كنت اعرفه عنهم هم اللي كنت باسمعه من المحاربين القدامى: “بيهاجموا بالحراب، ولما الهجوم ده ما ينفعش بيتقدموا في طريقهم وبتلافوا ضرب النار بقبضتهم...بيقطعوا الروس وبيلموا الودان بتاعة الناس". العساكر السنغال اللي شفتهم كان جاي في ترانزيت في المارتينيك، كانوا جايين من غينيا. فضلت امشي في الشوارع بشغف عشان ادور عليهم واشوف اليونيفورم بتاعهم اللي كان اتوصف لي: ايشاربات واحزمة حمرا. بابا جازف وراح جاب لنا اتنين منهم، جابهم البيت وكلنا كنا فرحانين قوي اننا بنتفرج عليهم. والنفس الحكاية في المدرس، مدرس الرياضيات بتاعي كان بيخلينا نرتجف، هو كان مجند كملازم سنة 1914 ومسئول عن مجموعة من السنغال وكان بيقول لنا: “لما بيصلوا ما ينفعش تزعجهم ابدا، لان اللي ح يعمل كده ح يختفي من على وش الارض، في الحرب هم اسود، بس لازم تحترم عاداتهم"، يبقى مافيش داعي بقى اننا نستغرب لما مايوت كابسيه بتقول انها حلمت بنفسها وردية وبيضاء.

ممكن حد يقول انه اذا كان الرجل الابيض بيشوف صورته في قرينه الابيض، يبقى لازم نطبق نفس النظرية على الانتيل لان المنظور البصري هو اللي بيرسم التصور ده. بس الكلام ده معناه اننا بننسى ان الانتيلي دايما منظوره خيالي، بيشوف قرينه الانتيلي ابيض مش زنجي (آه..زي ما احنا بنقول: احنا مش عرب كده، ونيجي نتكلم عن الافارقة نتريق عليهم ونقول عليهم عثمانة، يعني احنا ولا عرب ولا افارقة...طب وربنا وربنا كمان مرة كان فيه مثقف شهير ناسية مين بالظبط بيقول ان مصر بما انه في حوض البحر المتوسط تبقى اوروبية هههههه طب بص في المراية يا موكوس/جبهة) يعني مثلا الانتيل ييجوا يتكلموا على واحد يقولوا: اسود قوي. ومعتاد جدا اننا نسمع في اسرة ما الام وهي بتقول: فلان ده اغمق واحد في عيالي، بمعنى انه الاقل بياضا. (طب وربنا بذمتكوا مش في مصر عندنا كده برضه: اسمر بس قلبه طيب والله/ جبهة) وح اعيد عليكوا الكلام اللي قلته لواحد معرفة اوروبي لما حبيت اشرح له الكلام ده: بالنسبة للناس ده مش اكتر من مجرد حيرة، ح اعيد تاني، كل انتيلي متوقع ان الناس تتعامل معاه انه بيحمل جوهر الرجل الابيض (مش ممكن مش ممكن....بيفكروني بالمصريين اللي بيقولوا احنا مش بدو زي بتوع الخليج هع هع هع...طب ما احنا مش بدو احنا فلاحين...) في الانتيل زي في فرنسا، بتقابل نفس الاسطورة: الباريزي يقول: هو اسود بس والله ذكي قوي، والغريبة ان المارتينيكي بيقول نفس الجملة، في اثناء الحرب العالمية التانية المدرسين نزحوا من جوديلوب الى فورت دي فرانس عشان يصححوا ورق الثانوية العامة، وبدافع الفضول رحت الفندق اللي هم كانوا فيه بالذات عشان اشوف الاستاذ "س" اللي كانت اسود قوي؛ على رأي المارتينيكيين، كان ازرق. (في السودان بيقولوا على بتوع الجنوب: ازرج، عشان بتوع الشمال بيض طبعا/جبهة) فيه اسرة كانت مشهورة قوي لانهم: سود قوي بس فعلا طيبين. واحد منهم مدرس بيانو وكان طالب في الكونسيرفتوار في باريس، واحد تاني كان مدرس في العلوم الطبيعية في اكاديمية البنات، إلخ، الاب كان بيدخل ويطلع البلكونة كتير بعد غروب الشمس، وفي ساعة معينة من الليل ماحدش بيقدر يشوفه. عيلة تانية، لما النور يتقطع كان لازم العيال يضحكوا عشان ابوهم وامهم يعرفوا هم فين. في الايام الاثنين، فيه بعض الموظفين المارتينيك كانوا بيلبسوا كتان ابيض وكان شكلهم زي القراصية في اللبن. دي التعبيرات اللي بتتقال في المجتمع/ انتهى هامش المؤلف)

مافيش معادي للسامية ح يفكر في اخصاء اليهودي مثلا، اليهودي يا اما يتقتل يا اما يتقعم (يصيبوه بالعقم يعني/جبهى) لكن الزنجي بيتم اخصاؤه، العضو الذكري اللي هو رمز للرجولة بيتم الغاؤه، كأنهم بينكروا رجولته. اليهودي بيتهاجم في هويته الدينية، تاريخه، عرقه، في علاقته باجداده، وعلاقته بالاجيال القادمة، لما بيتم تعقيم اليهودي، هم كده بيقطعوا المصدر؛ في كل مرة يهودي بيضطهد ده بيبقى اضطهاد للعرق كله، (اديهم طلعوه على جتتنا زي العيل اللي امه تضربه فيمسك قطة في الشارع ويعذبها الله يخرب بيوتهم/جبهة) لكن الزنجي بيتهاجم في جسمه، شخصه هو اللي بيذبح، بيتعامل كأن مجرد وجوده في الدنيا بيشكل تهديد.


No comments:

Post a Comment

Note: only a member of this blog may post a comment.