انا طبعا مستمتعة قوي عشان مبسوطة من الكلام، بس برضه مش عايزة احسن ان تعبي راح في الهوا، ولو ان كله عند ربنا وهنيالك يا فاعل الخير والثواب
بصوا انا حسبتها لقيت اني ان شاء الله ح اقسم كل فصل حوالي تلات اجزاء لان الفصول كبيرة يعني عشان كمان ما تبقاش البوستات طويلة، وعشان انا ما اتعبش واكرهكوا :( اتفضلوا
الجزء الثاني من الفصل الاول:
انهم يتقابلون ويتحدثون. واذا تحول القادم الجديد الى مركز الاهتمام فهذا طبيعي لانهم كانوا في انتظاره طوال الوقت. اولا لمراقبة تصرفاته: يلاحظون ابسط تحركاته، ويلتقطونها، ثم تنتشر قصته في ظرف 48 ساعة في كل المستعمرة الفرنسية. لا يمكن التسامح مع من يدعي التفوق اذا ما اخطأ. وليقل مثلا: لسوء حظي وقعت في ايدي الشرطة في فرنسا. وبذلك فقد قضي عليه تماما. والخيار الوحيد امامه ان يتخلى عن "باريسيته" او ان يموت من سخرية الاخرين منه. حين يتزوج، فان زوجته ستكون على علم بانه متزوجة من "نكتة"، اطفاله سيعانون من مواجهات تعييرهم بذلك.
ماهو اصل هذا التغيير في الشخصية؟ ماهو مصدره؟ تعبر كل لهجة عن طريقة تفكير خاصة بها، كذا يقول كل من داموريت وبيشون. وكون ان الزنجي اختار لغة اخرى بلهجة اخرى مختلفة عن اهل وطنه فهو مؤشر على التفكك والانفصال. يقول الدكتور ويسترمان في كتابه "الافريقيون اليوم" ص 331، أن عقدة الدونية الافريقية مركزة بالتحديد بين المتعلمين، وعليهم ان يقاوموها بدأب. وطريقتهم في التصدي لها، كما يقول، عادة ما تكون في منتهى السذاجة: ارتداء الملابس الاوروبية، سواء كانت مهلهلة او انيقة، ويستخدمون الاثاث الاوروبي، والطريقة الاوروبية في التعامل الاجتماعي، يعشقون لغتهم الوطنية ويعبرون عن ذلك بطريقة اوروبية، ويستخدمون اسلوبا منمقا حين يتحدثون او يكتبون باللغة الاوروبية، ويتبعون كل السبل التي تشعرهم بالتساوي مع الاوروبي وانجازاته.
على اساس بعض الدراسات، وملاحظاتي الشخصية، اريد ان ابين لماذا يتصرف الزنجي بهذه الطريقة الغريبة عنه فيما يخص اللغة الاوروبية. وعلي ان اوضح مرة اخرى ان الاستنتاج الذي وصلت له هو خاص بالانتيلز، ومع ذلك فانا واع تماما الى ان هذه الحالة تنطبق على كل الاجناس التي تعرضت للاحتلال.
عرفت اناسا – وللاسف مازلت اعرفهم – ولدوا في في داهومي في الكونغو والذين يعتبرون انفسهم اصل الانتيلز، وعرفت اناسا – ومازلت اعرفهم – ولدوا في الانتيلز. زنوج ينزعجون حين يظن فيهم انهم من السنغال. وذلك لان الانتيلز اكثر "تحضرا" من افارقة القارة. بقول اخر، هم اقرب للرجل الابيض: هذا التمييز لا يوجد فقط في الشوارع والحواري، وانما في الخدمة العامة والجيش. اي مارتينيكي قضى فترة خدمة في مشاة السنغال يعرف ذلك المناخ المزعج جيدا: على جانب فهو لديه الاوروبيين، سواء ولدوا في بلده او في فرنسا، وعلى الجانب الاخر لديه السنغاليين. اتذكر يوما في منتصف احدى المعارك حين كان علينا ان نمحو عشا للرشاشات. امر السنغاليون ان يهجموا ثلاثة مرات، وفي كل مرة كانوا يتقهقرون رغما عنهم. ثم اراد احدهم ان يفهم لماذا لا يزج البيض بانفسهم في القتال. في هذه اللحظة لم نعرف نحن المارتينيك هل نحن من الـ"توباب" (اسم الابيض اللي مقيم في افريقيا) ام اننا من الافارقة. ومع ذلك فان الكثير من الانتيليز لا يرون غضاضة في هذا التوحد مع الاوروبي. على العكس تماما، انهم يرون ان ذلك طبيعيا. هل هذا ما ينقصنا؟ ان ننتمي الى الزنوج؟ الاوروبيين يحتقرون السنغال، ونحن الانتيليز نحكم هذه "العشة" تماما كما يحكمها سيدها الذي لا يملكون مخالفته.
سأستخدم مثالا متطرفا، وربما غير ظريف بالمرة، كنت اتحدث مؤخرا مع واحد من المارتينيك، حيث كان يخبرني باحتقار بالغ ان الزنوج من جوديلوب (احد جزر الكاريبي) كانوا يريدون ان يمروا عبر الحدود بوصفهم من المارتينيك.لكنه اضاف انه تم اكتشاف الكذبة، لانهم اكثر توحشا منا، بمعنى، مرة اخرى، انهم ابعد منا عن الرجل الابيض. يقال ان السود يحبون الثرثرة، بالنسبة لي، حين افكر في كلمة "ثرثار" ارى مجموعة من الاطفال السعداء الذين يقفزون ويصيحون لا لشيء الا لغرض القفز والصياح – اطفال في وسط لعبهم، لدرجة ان اللعب في هذه اللحظة يبدو اليهم وكأنهم بداية الحياة. الزنجي يجب الثرثرة، وانطلاقا من هذه النظرية لن يطول بنا الطريق حتى نصل الى نظرية اخرى تقول بان: الزنجي ماهو الا طفل. التحليل النفسي يبدأ من هنا بداية جيدة. وسنسمع فورا مصطلح "الشفهية".
ولكن علينا ان نذهب لابعد من ذلك، فمشكلة اللغة اكبر من ان نأمل في سردها كلها هنا. علمتنا دراسات بياجيه القيمة ان علينا ان نميز بين درجات التمكن من اللغة المختلفة. كذا فعل جلب وجولدشتاين اللذان قسما اللغة الى خطوات وفترات. ما يهمنا هنا هو مواجهة الاسود مع اللغة الفرنسية. نريد ان نفهم لماذا الانتيليزي مولع باللغة الفرنسية.
كتب جان بول سارتر في كتابه "اورفيوس الاسود" والتي تبدأ بـ"مختارات من الروايات والاشعار الزنجية والملجاشية" يخبرنا ان الشاعر الاسود سينقلب على اللغة الفرنسية، ولكن هذا لا ينطبق على الانتيليز، وهنا انا اشارك مايكل ليري وجهة نظره حيث يقول ان كتابة الكريول لم تبدأ الا من وقت قريب:
بالرغم من انها لغة يعرفها الجميع بشكل او بآخر، وبالرغم من انها
تستخدم باتساع بين غير المتعلمين، الا ان لغة الكريول قدر لها ان
تصبح اثرا بعد عين. وذلك بمجرد انتشار التعليم العام (مهما كانت
خطواته بطيئة متعثرة في عدم كفاية المدارس في كل منطقة
وندرة مواد القراءة المتوفرة للجماهير، وحقيقة ان المستوى المعيشي
منخفض جدا)
ثم يضيف الكاتب:
في حالة الشعراء الذين اتحدث عنهم هنا، لا مجال للتشكيك
في انهم يتعمدون ان يصبحوا انتيليز – بالصورة الاقليمية النمطية-
من خلال توظيف لغة ميتة، الى جانب انها خالية تماما من الاشعاع
الخارجي بصرف النظر عن قيمتها الجوهرية؛ انها محاولة تأكيد
لانتماءاتهم وشخصيتهم القومية في مواجهة الرجل الابيض الذي
يمتلئ قلبه وعقله بالازدراء والتحقير والعنصرية لهم وهو يعلن
عن ذلك مرارا، حتى انك تكاد تجده في كل مكان
وعلينا ان نعلم ان جلبرت جراشينت الذي يكتب باللهجة الدارجة، ينتمي الى الندرة. وعلينا ايضا الاشارة الى انه غير معروف بالتحديد من الذي بدأ هذا المنهج الابداعي. بينما نجد ان اعمالا ادبية قد تم ترجمتها من اللهجتي البويل والولوف السنغاليتين، كما انني وجدت اهمية كبيرة في تتبع الدراسات اللغوية لشيخ انتا ديوب.
لكن، لا يوجد مثل لحالة الانتيلز، فاللغة الرسمية هي اللغة الفرنسية، والمعلمون يراقبون التلاميذ ليتأكدوا انهم لا يتحدثون الكريول البتة، ولنغض الطرف عن الاسباب المعلنة والمزعومة، وسيتبين لنا ان المشكلة كالآتي: في الانتيليز وكذلك في بريطانيا، هناك اللهجات واللغة الفرنسية، اليس كذلك؟ خطأ، فالبريطانيون لا يرون انفسهم اقل من الفرنسيين، البريطانيون لم يتعلموا الحضارة من الرجل الابيض لانهم هم الرجل الابيض.
حين نرفض التعدد في موضوعاتنا، فنحن نخاطر بالا نضع حدودا لمجالنا؛ حيث اننا منوط بنا ان نوصل للرجل الاسود ان التمزق لم ينقذ احدا ابدا. حقيقة علي ان ادفع مهاجما يخنقني لانني فعلا لا استطيع التنفس، ومع ذلك تظل الحقيقة في التحليل النفسي انه من غير المناسب في حالة الاختناق ان تفسد عنصرا نفسيا، استحالة التمدد.
اذن فماذا علينا ان نقول؟ ببساطة: حين يصل الامر انك لا تمنح درجة ليسانس الفلسفة في الانتيليز بسبب لونك، هنا نستطيع ان نقول ان الفلسفة لا تحمي احدا. حين يناضل انسان ويجهاد ليثبت لي ان الاسود بنفس ذكاء الابيض؛ وبالمناسبة هذه حقيقة، ولكن، اذا كان هدف كل من الذكاء والفلسفة هو المساواة بين البشر، فانهما ايضا تم استغلالهما للتفرقة العنصرية بين البشر.
قبل ان نكمل علي ان اقول بعض الاشياء. انني اوجه حديثي هذا للسود الذين تم اقصاؤهم والاحتيال عليهم، وللبيض الذين ايضا تم اقصاؤهم وهم محتالين ومحتال عليهم. حين تسمع سارتر او كاردينال فيدير وهما يعلنان ان معضلة اللون قد طال امدها اكثر من اللازم، فعليك ان تعلم ان هؤلاء الناس طبيعيون، اي انسان يستطيع ان يستشهد بمراجع ومقتطفات تقول بان عنصرية اللون ماهو الا بلاهة وان علينا ان نتخلص منه الى الابد.
لكن سارتر يكتب في كتابه "اورفيوس الاسود": ماذا تتوقعون حين تنزعون الكمامة من على تلك الافواه السوداء؟ هل تظنون انهم سيهتفون بحياتكم؟ هل كنتم تعتقدون انكم حين ترفعون هذه الرؤوس التي احناها اجدادنا عنوة ستجدون الحب في اعينهم؟ لا اعرف، ولكنني اقول، ان ذلك الذي ينظر في عيني لاي شيء اخر غير سؤاله الدائم، فانه سيفقد بصره؛ فلا اعتراف ولا كراهية، ولو انني صرخت، فلن تكون صرخة سوداء، لا، فمن وجهة النظر المتبناة في هذا الكتاب، ليس هناك مشكلة للسود، وعلى اي حال، حتى ان وجدت، فانها لا تهم الرجل الابيض الا مصادفة، انها قصة حدثت في الظلام، والشمس التي بداخلي يجب ان تشرق على كل الشقوق.
No comments:
Post a Comment
Note: only a member of this blog may post a comment.