كالنار في الهشيم، انتشرت صور المناضل الأرجنتيني تشي جيفارا في كل العالم، من الناس من يعرفه ويعتبره رمزا للنقاء الثوري، وكثير منهم لا يعرف من هذا الوسيم المزدانة سياراتهم بصورته. أما من لا يعرفونه فلا بأس من التبرك بطلعته البهية. لكن رغبة شريرة تملكتني في اختبار مصداقية محبي جيفارا على علم منهم بتاريخه؛ وهو ما لا أزعم أنه حق لي. راق لي أن ألقي باسم الزرقاوي أمام أولئك المفتونين بجيفارا، فأجمع معظمهم على اتهام الأول بالإرهاب.
حقيقة إن هذا الأمر يحيرني: إذا كان الزرقاوي قتل المدنيين، فإن تشي قتل واختطف من المدنيين فلاحين بولفيين وسائقي شاحنات مساكين، بل إن جيفارا يؤكد في مذكراته أنه "عذب" هو وزملاءه بعض الفلاحين من "عملاء الرأسمالية" لردعهم عن خيانة المليشيات أو الإبلاغ عنه وعن زملائه للسلطات البوليفية، وإذ أعتقد أنا باختلاف تقييم الأفعال في سياق الحرب عنه في سياق السلم، فاعتقادي ينسحب على الحالتين: جيفارا والزرقاوي. وإذا كان الزرقاوي تكفيريا، فقد كان جيفارا يتهم المختلفين معه بالرجعية، وكلمة "رجعي" تقع في قلب الشيوعي موقع كلمة "كافر" في قلب المسلم، وإذا كان الزرقاوي البائس ممن يتهمون بأنهم صناعة أمريكية ثم انقلبوا عليها – باعتباره تربية بن لادن التعيس - ، فإن جيفارا صناعة سوفيتية ولم ينقلب عليها، وإذا كان الزرقاوي تدخل في الشأن العراقي، فجيفارا تدخل في شئون كل دول أمريكا اللاتينية، وإذا كان الزرقاوي تسبب في كارثة الحرب الأهلية في العراق، فكذا فعل جيفارا في بوليفيا، ولولا الاتحاد السوفيتي لكان مصير كوبا بالأمس كمصير أفغانستان اليوم.
لكن جيفار ثوري نقي؛ ضحى بمستقبله كطبيب ومكانته كوزير وأخيرا بحياته من أجل إيمانه بقضيته، ولا يختلف في ذلك عن أبي مصعب، وليس أدل على إخلاصيهما من أنهما قتلا في ميدان المعركة؛ يحملان سلاحيهما ويقبلان على الموت بشغف: قتلا بنفس الطريقة، وصورا ربما من نفس الزاوية أيضا، فالاثنين تم القبض عليهما أحياء مصابين غير أن جيفارا أسلم الروح بطلقة رصاص أما الزرقاوي فمات ضربا بالبونيات في بطنه بعد أن ألقوا عليه ألف طن من المتفجرات ولم يمت! فلماذا يصبح جيفارا بطلا عظيما ويمسي الزرقاوي البائس هو الكلب والجرذ وعدو الإنسانية؟
إذا كان صاحب وجهة النظر هذه شيوعيا؛ فهو يحتاج إلى طبيب نفسي ليعالجه من الازدواجية التي بموجبها يمجد فعلا شيوعيا "ثوريا" ثم يدين ذات الفعل "الإرهابي" إذا بدر من شخص يختلف معه فكريا، وإن كان غربيا؛ فهو يعاني من عقدة التفوق التي تجعله يحترم جيفارا لأنه ابن الحضارة الغربية، ولو كان لاتينيا، والفكر الغربي، ولو كان ماركسيا، لكن الزرقاوي البائس، ينتمي إلى فئة الخدم من العرب والمسلمين – بل إن كارلوس أصبح جرذا هو الآخر لمجرد أنه "لطخ" نفسه بالتعامل الوثيق مع العرب – أما إن كان صاحب هذا التفكير عربيا؛ فهو يحتاج إلى مصحة نفسية كاملة ليبرأ من عقدة الدونية التي جعلته يضع نفسه وبني جلدته كافة في فئة العبيد، فما يفعله الأسياد ويعد بطولة، هو إجرام إذا صدر منا نحن: رقيق العصر، والعين لا تعلو عن الحاجب! وإن كان السبب هو وسامة جيفارا فليس للبائس العربي ذنب في أنه يشبهنا، فهو ابننا شئنا أم أبينا. إذا كنت ثوريا فما الذي يميز الحزب الشيوعي الكوبي عن تنظيم القاعدة؟ وإن كنت سلميا فعليك ازدراء الاثنين.
أما أنا فلا أزدري صادقا وإن اختلفت مع الفكر السلفي والعقيدة الشيوعية على حد سواء، وأؤمن بالإصلاح السلمي في الجبهة الداخلية والمقاومة المسلحة ضد العدو المعتدي على الوطن وفقط، والتنسيق مع ذوي المصالح المشتركة دون الانغماس في شأن الداخلي للأطراف الأخرى أو السماح لهم بالتدخل في شأن بلادي، وزعيمي الروحي سياسيا هو حسن نصر الله وأبي روحي فكريا هو مالكوم إكس. أي أنني على النقيض مع كل من جيفارا والزرقاوي من حيث المنطلق والمنهج والغاية جملة وتفصيلا، ومع كل ذلك أحترمهما بلا حدود، تمثلا لقوله تعالى: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى"، فالرجلان آمنا بفكرة، أيا كانت، وضحيا من أجلها، وبالفعل هم موتى الآن، وكانت أمامهما فرص أخرى للعيش بطريقة أسهل وأكثر أمنا. رغم احترامي لجيفارا، إلا أنني لا أحترم الكثيرين ممن يرفعون صورته وليس فيهم من صدقه قيراطا، فإما أن ينكسوا صوره أو يكفوا عن إدانة الزرقاوي ومن شابهه، على الأقل ليصبحوا على مستوى من يتتممون به.
حقيقة إن هذا الأمر يحيرني: إذا كان الزرقاوي قتل المدنيين، فإن تشي قتل واختطف من المدنيين فلاحين بولفيين وسائقي شاحنات مساكين، بل إن جيفارا يؤكد في مذكراته أنه "عذب" هو وزملاءه بعض الفلاحين من "عملاء الرأسمالية" لردعهم عن خيانة المليشيات أو الإبلاغ عنه وعن زملائه للسلطات البوليفية، وإذ أعتقد أنا باختلاف تقييم الأفعال في سياق الحرب عنه في سياق السلم، فاعتقادي ينسحب على الحالتين: جيفارا والزرقاوي. وإذا كان الزرقاوي تكفيريا، فقد كان جيفارا يتهم المختلفين معه بالرجعية، وكلمة "رجعي" تقع في قلب الشيوعي موقع كلمة "كافر" في قلب المسلم، وإذا كان الزرقاوي البائس ممن يتهمون بأنهم صناعة أمريكية ثم انقلبوا عليها – باعتباره تربية بن لادن التعيس - ، فإن جيفارا صناعة سوفيتية ولم ينقلب عليها، وإذا كان الزرقاوي تدخل في الشأن العراقي، فجيفارا تدخل في شئون كل دول أمريكا اللاتينية، وإذا كان الزرقاوي تسبب في كارثة الحرب الأهلية في العراق، فكذا فعل جيفارا في بوليفيا، ولولا الاتحاد السوفيتي لكان مصير كوبا بالأمس كمصير أفغانستان اليوم.
لكن جيفار ثوري نقي؛ ضحى بمستقبله كطبيب ومكانته كوزير وأخيرا بحياته من أجل إيمانه بقضيته، ولا يختلف في ذلك عن أبي مصعب، وليس أدل على إخلاصيهما من أنهما قتلا في ميدان المعركة؛ يحملان سلاحيهما ويقبلان على الموت بشغف: قتلا بنفس الطريقة، وصورا ربما من نفس الزاوية أيضا، فالاثنين تم القبض عليهما أحياء مصابين غير أن جيفارا أسلم الروح بطلقة رصاص أما الزرقاوي فمات ضربا بالبونيات في بطنه بعد أن ألقوا عليه ألف طن من المتفجرات ولم يمت! فلماذا يصبح جيفارا بطلا عظيما ويمسي الزرقاوي البائس هو الكلب والجرذ وعدو الإنسانية؟
إذا كان صاحب وجهة النظر هذه شيوعيا؛ فهو يحتاج إلى طبيب نفسي ليعالجه من الازدواجية التي بموجبها يمجد فعلا شيوعيا "ثوريا" ثم يدين ذات الفعل "الإرهابي" إذا بدر من شخص يختلف معه فكريا، وإن كان غربيا؛ فهو يعاني من عقدة التفوق التي تجعله يحترم جيفارا لأنه ابن الحضارة الغربية، ولو كان لاتينيا، والفكر الغربي، ولو كان ماركسيا، لكن الزرقاوي البائس، ينتمي إلى فئة الخدم من العرب والمسلمين – بل إن كارلوس أصبح جرذا هو الآخر لمجرد أنه "لطخ" نفسه بالتعامل الوثيق مع العرب – أما إن كان صاحب هذا التفكير عربيا؛ فهو يحتاج إلى مصحة نفسية كاملة ليبرأ من عقدة الدونية التي جعلته يضع نفسه وبني جلدته كافة في فئة العبيد، فما يفعله الأسياد ويعد بطولة، هو إجرام إذا صدر منا نحن: رقيق العصر، والعين لا تعلو عن الحاجب! وإن كان السبب هو وسامة جيفارا فليس للبائس العربي ذنب في أنه يشبهنا، فهو ابننا شئنا أم أبينا. إذا كنت ثوريا فما الذي يميز الحزب الشيوعي الكوبي عن تنظيم القاعدة؟ وإن كنت سلميا فعليك ازدراء الاثنين.
أما أنا فلا أزدري صادقا وإن اختلفت مع الفكر السلفي والعقيدة الشيوعية على حد سواء، وأؤمن بالإصلاح السلمي في الجبهة الداخلية والمقاومة المسلحة ضد العدو المعتدي على الوطن وفقط، والتنسيق مع ذوي المصالح المشتركة دون الانغماس في شأن الداخلي للأطراف الأخرى أو السماح لهم بالتدخل في شأن بلادي، وزعيمي الروحي سياسيا هو حسن نصر الله وأبي روحي فكريا هو مالكوم إكس. أي أنني على النقيض مع كل من جيفارا والزرقاوي من حيث المنطلق والمنهج والغاية جملة وتفصيلا، ومع كل ذلك أحترمهما بلا حدود، تمثلا لقوله تعالى: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى"، فالرجلان آمنا بفكرة، أيا كانت، وضحيا من أجلها، وبالفعل هم موتى الآن، وكانت أمامهما فرص أخرى للعيش بطريقة أسهل وأكثر أمنا. رغم احترامي لجيفارا، إلا أنني لا أحترم الكثيرين ممن يرفعون صورته وليس فيهم من صدقه قيراطا، فإما أن ينكسوا صوره أو يكفوا عن إدانة الزرقاوي ومن شابهه، على الأقل ليصبحوا على مستوى من يتتممون به.
No comments:
Post a Comment
Note: only a member of this blog may post a comment.