Monday, 12 February 2007

صاحبتي غادة

الحقيقة إن غادة دايما تستظرف عليا















وتقول لي: مش ح تكتبي عني بقى؟














وكل ما أبقى مش عارفة أكتب إيه، تقول لي باستظراف: اكتبي عني هئ هئ هئ.














بس المرة دي أنا متضايقة عشان غادة وفعلا عايزة اتكلم عنها،











أصل أنا لما باتضايق باحب ألك لك لك لك












(توضيح للأخوة العرب: يعني باحب أرغي وأزبد حول ما يضايقني)















من سنين وغادة بتروح ملاجئ المعاقين ذهنيا ورعاية الأحداث،












والعشوائيات، مروة جرت رجلها، وهي اعتبرت إن دي جميلة















عملتها فيها مروة، فقررت تعمل فيا أنا نفس الجميلة!














الحقيقة هي ما كانتش جميلة خالص،













الواحد في الأول بيروح وهو عايز يعمل حاجة لوجه الله،














بعد كده بيبتدي يحب الناس هناك،















بالنسبة لي كنت باحب بتوع الاحداث والعشوائيات،














غادة بتحبهم كلهم، بس كانت بتحب المعاقين قوي.














لما بترتبط بالناس عاطفيا، بيتحول الأمر من عمل خير،















لقضية شخصية، بتحس إن الناس دي تخصك،

















وإن أي مشروع بتعمله معاهم هو كل حياتك،













كأنك مخلفهم، وكأن المشروع بيتك اللي بتبنيه طوبة طوبة،















مشكلة دي كبيرة قوي،
















لأني أنا مثلا بعد ما واحد من بتوع الأحداث اتقتل لقيت نفسي



















مش قادرة أهوب ناحية الأحداث ولا ناحية العشوائيات،
















حسيت بالذنب مش عارفة ليه،














حسيت إني ما عرفتش أحميه كفاية، وما قمتش بالدور اللي كان المفروض أعمله،



















غادة كانت أقوى مني، واستمرارها كان معناه:













إذا كان حازم اتقتل واحنا ما عرفناش نحميه ولا نحمي زميله اللي قتله من نفسه















يبقى نحاول مع الباقيين،












حطت كل همها وحياتها ومخها في العيال دي،
















واتحول الأمر من عيال بتكسب فيهم ثواب،




















إلى ولادها اللي واجبها وقدرها إنها تاخد بالها منهم،



















بس الظاهر أخدت بالها زيادة عن اللزوم،
















ونسيت إنهم مش ولادها،












ولا ولاد أي حد،















دول ولاد مؤسسة مديرها والإخصائيين اللي فيها موظفين،
















مجرد موظفين،













خايفين على وظائفهم،












ومراكزهم،
















وحاسين إن غادة بتاخد بالها من العيال بطريقة تفضح تقصيرهم،















بل وإجرامهم في حق الولاد دول،















غادة جابت للعيال مدربين ودكاترة نفسيين،











ولعب، ومعسكرات،














وإخصائيين متطوعين،















عيالها بقى،














وح تعمل عشانهم أي حاجة،















عشان تفرح بيهم كده وهم متخرجين من الجامعة،
















وتطمن عليهم وتجوزهم!

















بس الدكاترة النفسيين قالوا لازم علاج،















والعلاج لازم له تقييم،












وتقييم ده ح يطال كل اللي في المؤسسة،














الولاد،









والموظفين،














والموظفين مش ح يترفدوا ولا حاجة،













هم بس ح ياخدوا دورات تدريبية عشان يبقوا أحسن.















أحسن؟!















"ليه واحنا مالنا؟ ما احنا فل الفل...إنت بتقول عز؟" وكانت النتيجة


















إن غادة اتمنعت تدخل المؤسسة،














هي وكل المدربين والدكاترة والمتطوعين اللي من طرفها،














"أبلة غادة" عاملة زي اللي بيتها اتخرب،















مذهولة ومش مصدقة نفسها،















شقى عمرها، على رأي نور الشريف، غرق في الملاحة















ملاحة اللوا شريف














والموظفين اللي كبران عليهم ياخدوا دورات تدريبية عشان يبقوا احسن،















اللي، وبعد السنين دي كلها، اكتشفنا،











إنهم بيعلقوا العيال وبيحبسوهم ويعذبوهم ويبهدلوهم

















مش عشان مش عارفين


















بس عشان مش عايزين،















بيبصوا للعيال دي باحتقار،

















"دي عيال مجرمة ونجسة وما يتمرش فيهم" واحد مرة



















قالها: الفلوس اللي بتصرفيها على عيال عبيطة – قصده المعاقين – أنا












أولى بيها،














أنا فاتح بيت.
















على فكرة، غادة ولا مرة نسيت العاملين بالمؤسسة،












دايما كانت بتطلب من الوزارة إنهم يرفعوا أجور العاملين فيها،














خمس أضعاف على الأقل،

















بس هم مش عايزين فلوس، الفلوس هم بيعرفوا يجيبوها إزاي،














هم عايزين يخلصوا من واحدة فضحت إنهم مش عارفين يراعوا الولاد














لأنهم ببساطة عارفين،













هم مش عايزين يراعوهم.















هم شايفينهم مجرمين،














وبيعملوا كل اللي في وسعهم عشان يعملوا منهم مجرمين فعلا.

















ده فساد موجود في كل مؤسسات الدولة،















بس غادة ما يهمهاش المؤسسات،














ولا الفساد،












ولا الدولة،


















غادة عايزة عيالها.















هي مش طبعها تعيط قوي،














يعني بتعيط، بس بتكسل تكمل عياط،














عينيها ترغرغ وبعدي تكسل تكمل فتكتم العياط وتشرب مية وتخش تنام.













وتسيبني أنا أعيط لها وليا،














لما أتفلق من العياط.

















مش بس عشان شقى عمرها اللي اترمى لها في الشارع،














مع الحاجات اللي إدارة المؤسسة رميتها لغادة



















(بونبوني وعصير وهدوم ولعب كانت جايباها للعيال)

















مش بس عشان أنا مش باقدر أتصور منظر أم مش قادرة تشوف عيالها

















بس كمان عشان العيال دي اللي بيحبوا أبلة غادة لدرجة إن واحد فيهم

















لما غابت عليهم شوية قال لها: حظك إنك مش راجل وإلا كنت ضربتك،
















آه، هم بيعبروا عن المحبة بالطريقة دي.














عشان العيال دي اللي دايما يسألوا: هو ربنا بيعمل فينا كده ليه؟















احنا ما عملناش حاجة!















عشان العيال دول، يادوبك متصالحين مع ربنا قريب،












لسة يادوبك عارفين إن ربنا مش ممكن ينساهم،















لسة يادوبك عارفين إن ربنا معاهم مهما حصل،

















لسة يادوبك عارفين إن ربنا مش بيبص لهم على إنهم مجرمين













زي ما كل الناس بتبص لهم بالطريقة دي،

















لسة يادوبك عارفين إنهم تحت سن التكليف،














وإن المجرم الحقيقي هو اللي عمل فيهم كده،















لسة يادوبك شايفين من بعيد باب ربنا المفتوح،

















لسة ما اتفطموش يا ناس،

















لسة بس شوية.


















قعدت أواسي غادة وأقول لها: ما تعرفيش بكرة فيه إيه؟


















فيه حاجات تبان خسارة وهي مكسب،















إن شاء الله ربنا ح يعمل كل خير،













بكرة ربنا ينتقم لك وللعيال من الناس دي،













لما باقعد معاها باقول كده،












ولما باروح،
















باعيط،










باعيط،















باعيط،













الضعف،













عشان هي مش بتعيط.

No comments:

Post a Comment

Note: only a member of this blog may post a comment.